07‏/06‏/2016

بحث اتخاذ القرار


اتخاذ القرار بحث.docx

1خطة البحث:

المقدمة:
المبحث الأول: ماهية و أهمية اتخاذا لقرار
     المطلب الأول: تعريف اتخاذ القرار
    المطلب الثاني: ماس اتخاذ القرار
    المطلب الثالث: أهمية اتخاذ القرار
المبحث الثاني: تصنيف و مراحل اتخاذ القرار
   المطلب الأول: تصنيف القرار
   المطلب الثاني: مراحل اتخاذ اقرار
المبحث الثالث: أساليب عملية اتخاذ القرار و مقوماتها و مقوماتها
   المطلب الأول: أساليب اتخاذ القرار
  المطلب الثاني: مقومات و معوقات اتخاذ القرار
الخاتمة:    





مقدمة:  إن الإنسان مهما اختلفت طبيعته و مركزه الاجتماعي و الثقافي أو وضعه الاقتصادي و التعليمي فانه يتخذ نتيجة للفطرة مجموعة من القرارات بعيدا عن المناهج العلمية ، معتمدا على الحدس و الأحكام الشخصية، كان تقرر الأم ماذا تعد في يومها من الطعام ، ونوع الملابس التي يجب أن يرتديها أولادها...الخ.
فكما أن الفرد يتخذ قرارات مختلفة في حياته اليومية ، فان عملية اتخاذ القرارات تتغلغل و بصورة مستمرة في نشاط المؤسسة و في جميع عناصر العملية الإدارية من تخطيط ، تنظيم، توجيه و رقابة.
وهي لا تقتصر على عامل دون غيره أو مستوى إداري دون سواه ، فأي إداري يتوجب عليه أن يمارسها لأداء مهامه، و كي يتسنى له اتخاذ قرارات يتطلب توفر لديه المعلومات الدقيقة في المكان و الزمان المناسبين.
من هنا جاء هذا البحث ليجيب عن الإشكالية: ماهية اتخاذ القرار و أهميته وما يكتنفه من الجوانب المحيطة به ؟

المبحث الأول : مفهوم  و أهمة عملية اتخاذ القرار
تـمثل عـملية اتخاذ القرار جانبا هاما في العملية الإدارية ,وقد استندت قديما على الحدس و التخمين لكنها اليوم أصبحت مبنية عـلى أسـلوب عـلمي حتى تكون الـقـرارات أكـثـر دقـة و لـتـساهـم في حـل الـمشاكل الإداريـة , و يعـتبر" فـريدريك تايـلور " أول من دعا إلى تطبيق أساليب البحث العلمي في اتخاذ القرارات عوضا عن الأحكام الشخصية و فـيما يلي سنتطرق إلى مفهوم عـملية اتخاذ الـقرار.

المطلب الأول : تعريف اتخاذ القرار :
نبدأ أولا بتعريف-القرار : هو اختيار من بين بدائل وفق معايير محدده استجابة لموقف معين ، وهو مطلوب للأجل الطويل والقصير وكلما تعددت المتغيرات وتزايدت سرعتها زادت خطورة صنع القرار .
تعريف اتخاذ القرار:
يعرفه مواري : العملية التي يتم من خلالها الاختيار بين البدائل من أجل تحقيق أهداف المنظمة ". ويعرفه ماكلوري : العملية التي تتعلق بالحصول على المعلومات والسيطرة عليها واستخدامها لتحقيق
بعض الأهداف" .
-إذ يعرفه نيجرو على أنه " الاختيار المدرك ) الواعي ( بين البدائل المتاحة في موقف معين ".
-أما برنارد فيرى أن : " اتخاذ القرار عملية تقوم على الاختيار المدرك للغايات التي لا تكون في الغالب استجابات أوتوماتيكية أو رد فعل مباشر " .
-كما يمكن تعريفه بأنه " اختيار بديل من عدة بدائل متوفرة لتحقيق هدف, حل مشكل انتهاز فرصة.
و باختصار فان اتخاذ القرار هي : عملية اختيار بديل واحد من بين بديلين محتملين أو أكثر لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف خلال فترة زمنية معينة في ضوء معطيات كل من البيئة الداخلية والخارجية والموارد المتاحة للمنظمة.
ومن واقع هذا المفهوم يمكن إدراك أن عملية اتخاذ القرارات تنطوي على عدد من العناصر هي:
1-الاختيار        -2 توافر البدائل          -3-الأهداف أو الغايات أو محركات ودوافع السلوك.                          4- الوقت         -5-الموارد المادية و البشرية المتوافرة للمنظمة.        6البيئة الداخلية للمنظمة.
7- البيئة الخارجية بما تحتويه من متغيرات سياسية و اقتصادية و اجتماعية.
المطلب الثاني: مدارس اتخاذ القرار:
المدارس العلمية لاتخاذ القرار :يقسمها البعض كما يلي:
1"المدرسة الواقعية : تنظر هذه المدرسة إلى عملية اتخاذ القرارات بطريقة علمية وعملية في الوقت نفسه وتعتمد إلى اتخاذ القرارات في ضوء دراسة المشكلة الحالية والبدائل المتاحة أمام حل هذه المشكلة ، وتكلفة كل بديل في ضوء الإمكانات المتاحة والظروف البيئية المحيطة.
2 المدرسة الإستراتجية : تنظر هذه المدرسة إلى كافة المواقف التي تمر بها المنظمة وتعتبر أنه يجب النظر إلى كل موقف أو مشكلة داخل المنظمة في أثناء عملية المفاضلة بين البدائل المتاحة لاتخاذ القرار على ضوء الإستراتجية العامة التي تنتهجها المنظمة ، وبناء على ذلك يمكن أن تتصف القرارات التي تصل إليها المنظمة أحيانًا بعدم الرشد ، نظرًا لوجود متغيرات إستراتيجية تلعب دورًا في ترجيح البديل الأمثل الذي يتخذ بناء.
3 المدرسة المختلطة : وتمثل اتجاهًا توفيقيًا يساير معطيات الواقع لكل موقف أو مشكلة تستلزم اتخاذ قرار ما وذلك أيضًا في ضوء الإطار الاستراتيجي العام الذي تنتهجه المنظمة". حيث توجد ثلاثة مداخل نظرية لاتخاذ القرار ، حسب آراء كل من تشستر برنارد وسايمون وكبنر  تريجو ، يتعلق كل منها بوجهات النظر ، إما باستخدام المنطق والتحليل العلمي عند كل من سايمون، وكبنر  تريجو أو بالتركيز على الحدس باستخدام الحكمة والتجارب الشخصية عند تشستر برنارد". ونشير إلى وجود أسلوبين في اتخاذ القرارات في كثير من الدول النامية : القرار الفردي والقرار الجماعي ، ويرى أن القرار الفردي هو الغالب والأكثر شيوعًا في هذه الدول

مطلب الثالث : أهمية إتخاذ القرار .
   لا يمكن أداء نشاط ما لم يكن هناك  قرار ، فاتخاذ القـرارات هي أساس عمل المدير والتي يمكن من خلالهـا إنجاز كل أنشطة المنظمة وعليه يمكن توضيح أهمية اتخاذ القرار فيما يلي:
أولا- اتخاذ القرارات عملية مستمرة :   يمارس الإنسان اتخاذ القـرارات طوال حياتـه اليومية سواء العادية أو العملية ففي مجال العمل فـي المنظمات ما هو إلا مجموعة مستمرة ومتنوعة من القرارات في مختلف المجالات .                      
ثانيا- اتخاذ القرارات أداة المدير في عمله :   اتخاذ القـرارات هـي أداة المدير التي بواسطتها يمـارس العمل الإداري حيث يقرر مـا يجب عمله ؟ ومن يقوم ؟ ومتى القيام به ؟ وعليه كلما ارتفعت قـدرات المدير في اتخاذ القرارات كلما ارتفع مستوى أدائه الإداري .                                                                                            
ثالثا- القرارات الإستراتيجية تحدد مستقبل المنظمة :  ترتبط القرارات بالمدى الطويل في المستقبل ،  ومثل هـذه القرارات يكون لها أهمية بالغة في التأثير على نجاح المنظمة أو فشلها .                                                                            
رابعا- اتخاذ القرارات أساس لإدارة وظائف المنظمة :  إن الدور الإداري في وظـائف المنظمة يحتوي على مجموعة من القـرارات الخاصة بإدارة الجوانـب المختلفة لهذه الوظائف المتعددة .                                                                          
خامسا- اتخاذ القرارات جوهر العملية الإدارية : يعتبر اتخاذ القرار أساس وجوهر كل الوظائف الإدارية والمتمثلة في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وذلك لأن كل من هذه الوظائف تنطوي على مجموعة من القرارات الإدارية الحاسمة .                      

المبحث الثاني: تصنيف و مراحل اتخا القرار:
المطلب الأول تـصـنـيـف الـقـرارات :
يصنف علماء الإدارة القرارات وفـقا لمعايير متعددة تتمثل فـيما يلي : تصنيف القرارات وفـقا للوظائف الأساسية للمؤسسة ، وفـقا لأهـمية القرار وفـقا لإمكانية برمجتها أو جدولتها ، ووفـقا لأساليب اتخـاذها ، وفـقا لظروف اتخاذها ووفـقا للنمط القيادي لمتخذها ، وهذا ما يتم إدراجه فيما يلي :
1 ـ تصنيف القرارات وفـقا للوظائف الأساسية بالمنظمة :
أ ـ قرارات تتعلق بالعنصر البشري : وتتضمن القرارات التي تتناول مصادر الحصول على الموظفين ، وطرق الاختيار والتعيين ، وكيفية تدريب العمال ، أسس دفع الأجور و الحوافز وطرق الترقية ، وكيفية معالجة الشكاوى وعلاقة المؤسسة بالنقابات ....
ب ـ قرارات تتعلق بالوظائف الإدارية : كالقرارات الخاصة بالأهداف المراد تحقيقها، الإجراءات الواجب إتباعها والسياسات و برامج العمل و أساليب الاتصال و المعايير الرقابية بالإضافة إلى تقارير المتابعة .
جـ ـ قرارات تتعلق بالإنتاج : تـتـضمن القـرارات الخاصـة باختيار موقع المصنع ، نوع الآلات الواجب استخدامها ، طريقة الإنتاج ، التخزين، حجمه ...
د ـ قرارات تتعلق بالتـسـويـق : وتشمـل القـرارات الخاصة بنوعية السلعة التي سيتم بيعها و أوصافها الأسواق التي سيتم التعامل معها ، وسائل الدعاية و الإعلان الواجب استخدامها لترويج السلعة , بحوث التسويق و وسائل النقل و تخزين المنتجات .
هـ ـ قرارات تتعلق بالتمويل : كالقرارات الخاصة بحجم رأس المال اللازم و السيولة , و طرق التمويل و معدلات الأرباح المطلوب تحقيقها وكيفية توزيعها  .
2 ـ تصنيف القرارات وفقا لأهميتها :
أ ـ القرارات الإستراتيجية ) الحيوية ( : وهي الـقرارات الـتـي تـتـعلق بـكـيان الـمـؤسسة، ومـسـتقبلها و البيئة المحيـطـة بـها ، تتـميز هـذه القـرارات بالثـبات لـمـدة طويلـة و يكـون ذلك نسـبـيا، ضخامـة الاستـثمارات وتوفر السيولة المالية اللازمة لتنفيذها، و تتميز أيضا بأهمية الآثار المترتبة عنها مستقبلا حيث يتطلب عناية خاصة و تحليلات لأبعاد اقتصادية ، اجتماعية ومالية لنوعية القرارات المتخذة .
تصمم الإدارة العليا القرارات الإستراتيجية لأهمية مركزها الإداري وتعمل على متابعتها بقدر كبير من الجهد والوعي ومستوى عالي من الفهم نظرا لأهميتها و أثارها و نتائجها على المؤسسة مستقبلا .
إضافة إلى ذلك فالقرارات الإستراتيجية مرتبطة بمشكلات حيوية و خطيرة يتطلب على متخذيها الاستعانة بآراء الخبراء ، المستشارين ، المساعدين و المختصين لمعرفة أبعاد المشكلة محل القرار وجوانبها المتعددة .
ب ـ قرارات تكتيكية : تتخذ هذه القرارات من طرف رؤساء الأقسام أو الإدارة أو ما يسمى بالإدارة الوسطى ، و تترجم هـذه القرارات في تقرير الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف و ترجمة الخطط أو بناء الهيكل التنظيمي ، أو تحديد مسار العلاقات بين العمال و تفويض الصلاحيات و قنوات الاتصال .
جـ ـ قرارات تنفيذية : تـتعلق بتـنـفـيذ العمل اليومي و هي من اختصاص الإدارة المباشرة أو الـتـنـفـيذية ، تتميز بأنها لا تحتاج إلى المزيد من الجهد و البحث من قبل متخذيها , كما أن اتخاذها يتم بطريقة فورية تلقائية ، وهي قرارات قصيرة المدى لأنها تتعلق أساسا بأسلوب العمل الروتيني و تتكرر باستمرار ، ومن بين هذه القرارات، قرارات تتعلق بالتخزين وبصرف العلاوات الدورية و توزيع الأعباء .
3 ـ تصنيف القرارات وفقا لإمكانية برمجتها :
أ ـ قرارات مبرمجة ) معدّة ( : هي قرارات روتينية ، متكررة تعتمد على الخبرات الشخصية للمدير تتخذ لمواجهة المشكلات اليومية التي لا تحتاج إلى جهد و تفكير طويل حيث يمكن إلغاء القرار أو تعديله دون نشوء أثار ضارة للمؤسسة، وغالبا ما تعد مقدما لإجراءات شكلية، وكأمثلة عليها نذكر: منح إجازة اعتيادية ، صرف مبلغ معين ...
ب ـ القرارات الغير مبرمجة : وهي القرارات التي لا تتكرر و تعتبر قرارات أساسية تهتم بالمشكلة المعقدة التي تحتاج إلى تفكير طويل ، و تحتاج إلى جمع بيانات و معلومات وافية و دقيقة بالإضافة إلى إجراء البحوث و الدراسات واستطلاع الآراء تمهيدا لاتخاذها  .
ومن هنا وصف بعض الكتاب الإدارة مثل جور " أنها قرارات إبـداعـيـة و أن صعـوبـتها نابـعـة من كونـها تهـدف إلى مـواجهـة مـشاكل و مواقف جديدة و أنها تعبر عن الاستجابة لظروف البيئة الداخلية والخارجية في إجراءات وسياسات العمل "  ، ومن بين هذه القرارات , قرارات تتعلق بإنشاء فرع جديد لإحدى المؤسسات ، تغيير نشاط المؤسسة  .
4 ـ تصنيف القرارات وفقا لأساليب اتخاذها :
أ ـ قرارات وصفية : تعتمد هذه القرارات على الأساليب التقليدية القائمة على التقدير الشخصي لمتخذ القرار و خبراته وتجاربه و دراسته للآراء و الحقائق المرتبطة بالمشكلة ، وهي تتأثر بالاعتبارات التقديرية الذاتية .
ب ـ قرارات كمية : تعتمد هذه القرارات على الرشد و العقلانية لمتخذها لاعتمادها على الأساليب والقواعد العلمية التي تساعد على اختيار القرار السليم ، حيث يفترض في اتخاذ مثل هذه الخيارات كفاية المعلومات المطلوبة و دقتها ، وتوفر الخبرات و الاختصاصات و تفهم العوامل و المتغيرات التي تؤثر في عملية اختيار البديل المناسب  .
5 ـ تصنيف القرارات وفقا لظروف اتخاذها :
أ ـ صنع القرارات في حالة التأكد : يمكن أن توصف هذه الحالة بالعقلانية حيث نربط بين السبب والنتيجة ، فكل فعل معروف بكونه يكاد يحدث و كل سبب يقود بشكل مباشر إلى نتيجة، كما أن النتائج قـابـلـة للتوقـع أو التحـديد ، لذا فـإن الـتقـيـيم بين البدائل المعروضة يعـتمد على النتائج ، وعليه فإن متخذ القرار يعي تماما نتائج القرار و أثاره مسبقا قبل اتخاذه ، وهناك الكثير من الأساليب الكمية التي يمكن أن تستخدم في هذه الحالة، كتحليل نقطة التعادل و التي هي نقطة تساوي الإيرادات مع التكاليف، وأنظمة الرقابة على المخزون ، أي أن يصل المخزون إلى مستوى معين لكي يتم طلب بضاعة جديدة .
ب ـ صنع القرار في حالة عدم التأكد : تتألف هذه المجموعة من القرارات في الحالات التي تكون نتائج الأفعال فيها مجموعة من الأحداث غير معروفة الاحتمالات أو غير ذات معنى مثل وضع مستويات الإنتاج دون معرفة مستويات الطلب على المـنتوج ، أو رفض وظيفة دون معرفة توفير بديل لها، وللتعامل مع القرار في مثل هذه الحالة على صانع القرار أن يختار بين البدائل التالية :
1 ـ تقليل حالة عدم التأكد عن طريق جمع معلومات إضافية عن المشكلة .
2 ـ في حالة فـشـل مـتخـذ القـرار عـلـيه استـخدام شعـوره و حكمته الشخـصـية المـتفـائلة أو المـتشائمة للوصول إلى القرار المناسب .
3 ـ تحويل المشكلة إلى حالة مخاطرة و استخدام المدخل الاحتمالي .
جـ ـ صنع القرار في حالة المخاطرة : تتألف هذه المجموعة من قرارات تتسم نتائجها بالتصادفية فـكل فعل يقود إلى حدث أو مجموعة أحداث ، ولكل حدث احتمالية معروفة ، فتفاعل الأحداث مع احتمالاتها يقود إلى نتائج احتمالية ، فيتخذ القرار اعتمادا على البديل الذي يعطي أعلى قيمة متوقعة ، ولاستخدام نماذج المخاطرة يجب إتباع الشروط التالية :
1 ـ التأكد من وجود بديلين على الأقل .
2 ـ لكل بديل ناتج احتمالي .
3 ـ يمتلك صانع القرار المهارة في تحديد الاحتمال لكل بديل .
د ـ صنع القرار في حالة الصراع أو المضاربة : تتضمن القرارات غير المؤكدة و المحددة بخصم فالاحتمالات ليست غير معروفة فحسب وإنما تتأثر بحركة المنافسين الذين يتمثل هدفهم بهزيمة المقابل ، فعلى متخذ القرار أن لا يفكر بالإجراء الذي سيتخذه في موقف معين و إنما يفكر برد فعل الآخرين من المنافسين ، للتعامل مع هذه الحالة غالبا ما تستخدم نظرية المباريات فتفوّق فريق رياضي بكرة السلة يحتم على الفريق الثاني دراسة خططه الدفاعية و الهجومية التي يمكن أن تساهم في تعزيز موقفه التنافسي  .
6 ـ تصنيف القرارات وفقا للنمط القيادي لمتخذها :
أ ـ قرارات أوتوقراطية ) فردية ): يتم اتخاذها بشكل انفرادي من قبل المدير و يعلنها على موظفيه دون إعطائهم أي فرصة للمشاركة ، فالمدير وحده الذي يحدد المشكلة و يضع لها الحلول ثم يختار أحد الحلول الذي يراها مناسبا ، و بعد ذلك يعلم مرؤوسيه بتنفيذ القرار المختار  .
ب ـ قرارات ديمقراطية ) جماعية ): يتم اتخاذها وفق نمط جماعي ، فهو ثمرة جهد و مشاركة جماعية أي يتم بأسلوب ديمقراطي ، فانتهاج هذا الأسلوب في عملية صنع القرارات يجلب للمؤسسة فوائد عديدة و يساهم في تحسين مستواها الإنتاجي و يعمل على استمراريتها و ازدهارها و هذا راجع إلى إحساس و إشعار العاملين بالمؤسسة بقيمة مشاركتهم في اتخاذ القرارات مما يولد في نفسيتهم الرضي وهذا ما يحفزهم للعمل المستمر و الجدي .

المطلب الثاني مراحل اتخاذ القرارات:
المرحلة الأولى تشخيص المشكلة:
تعتبر هذه المرحلة الأساس الذي تـقـوم عـليه عملية اتخاذ القرار ومن الأمور المهمة التي ينبغي على المدير إدراكها وهو بصدد التعرف على المشكلة الأساسية وأبعادها، هي تحديده لطبيعة الموقف الذي خلق المشكلة، ودرجة أهمية المشكلة، وعدم الخلط بين أعراضها وأسبابها، والوقت الملائم للتصدي لحلها واتخاذ القرار الفعال والمناسب بشأنها. ، إذ لا قـيمة لأي علاج مهما كان مكلفا طالما بني على خطأ في التشخيص أو على خطأ في تحديد الأسـبـاب و هـذا ما يؤدي إلى عدم قدرة المؤسسة على تحديد أهدافها كليا أو جزئيا.
المرحلة الثانية جمع البيانات والمعلومات :
إن فهم المشكلة فهمًا حقيقيًا، واقتراح بدائل مناسبة لحلها يتطلب جمع البيانات والمعلومات ذات الصلة بالمشكلة محل القرار، ذلك أن اتخاذ القرار الفعال يعتمد على قدرة المدير في الحصول على أكبر قدر ممكن من البيانات الدقيقة والمعلومات المحايدة والملائمة زمنيًا من مصادرها المختلفة، ومن ثم تحديد أحسن الطرق للحصول عليها، ثم يقوم بتحليلها تحليلاً دقيقًا ويقارن الحقائق والأرقام ويخرج من ذلك بمؤشرات ومعلومات تساعده على الوصول إلى القرار المناسب.
وقد صنف بعض علماء الإدارة أنواع البيانات والمعلومات التي يستخدمها المديرالى :
[1] البيانات والمعلومات الأولية والثانوية.
[2] البيانات والمعلومات الكمية.
[3] البيانات والمعلومات النوعية.
[4] الأمور والحقائق.

المرحلة الثالثة: تحديد البدائل المتاحة وتقويمها :
ويتوقف عدد الحلول البديلة ونوعها على عدة عوامل منها:
وضع المنظمة، والسياسات التي تطبقها، والفلسفة التي تلتزم بها، وإمكانياتها المادية، والوقت المتاح أمام متخذ القرار، واتجاهات المدير ـ متخذ القرار ـ وقدرته على التفكير المنطقي والمبدع، الذي يعتمد على التفكير الابتكاري الذي يرتكز على التصور والتوقع وخلفه الأفكار مما يساعد على تصنيف البدائل المتواترة وترتيبها والتوصل إلى عدد محدود منها.
المرحلة الرابعة: اختيار البديل المناسب لحل المشكلة :
ـ وتتم عملية المفاضلة بين البدائل المتاحة واختيار البديل الأنسب وفقًا لمعايير واعتبارات موضوعية يستند إليها المدير في عملية الاختيار وأهم هذه المعايير:ـ
• تحقيق البديل للهدف أو الأهداف المحددة، فيفضل البديل الذي يحقق لهم الأهداف أو أكثرها مساهمة في تحقيقها.
• اتفاق البديل مع أهمية المنظمة وأهدافها وقيمها ونظمها وإجراءاتها.
• قبول أفراد المنظمة للحل البديل واستعدادهم لتنفيذه.
• درجة تأثير البديل على العلاقات الإنسانية والمعاملات الناجحة بين أفراد التنظيم.
• درجة السرعة المطلوبة في الحل البديل، والموعد الذي يراد الحصول فيه على النتائج المطلوبة.
• مدى ملائمة كل بديل مع العوامل البيئية الخارجية للمنظمة مثل العادات والتقاليد.
• القيم وأنماط السلوك والأنماط الاستهلاكية وما يمكن أن تغرزه هذه البيئة من عوامل مساعدة أو معوقة لكل بديل.
• المعلومات المتاحة عن الظروف البيئية المحيطة.
• كفاءة البديل، والعائد الذي سيحققه إتباع البديل المختار.
المرحلة الخامسة: متابعة تنفيذ القرار وتقويمه:
ـ ويجب على متخذ القرار اختيار الوقت المناسب لإعلان القرار حتى يؤدي القرار أحسن النتائج. وعندما يطبق القرار المتخذ، وتظهر نتائجه يقوم المدير بتقويم هذه النتائج ليرى درجة فاعليتها، ومقدار نجاح القرار في تحقيق الهدف الذي اتخذ من أجله.
ـ وعملية المتابعة تنمي لدى متخذ القرارات أو مساعديهم القدرة على تحري الدقة والواقعية في التحليل أثناء عملية التنفيذ مما يساعد على اكتشاف مواقع القصور ومعرفة أسبابها واقتراح سبل علاجها.
ـ ويضاف إلى ذلك أن عملية المتابعة لتنفيذ القرار تساعد على تنمية روح المسؤولية لدى المرؤوسين وحثهم على المشاركة في اتخاذ القرار.
المبحث الثالث: أساليب عملية اتخاذ القرار و مقوماتها و معوقاتها:
المطلب الأول أسـالـيب اتخاذ القـرار:
يمكن تقسيم أساليب المفاضلة بين البدائل أو بمعنى آخر أساليب اتخاذ القرارات إلى مجموعتين , الأولى تشمل الأساليب التقليدية و الثانية الأساليب الحديثة أو كما يطلق عليها البعض الأساليب الكمية و سنتناول فيما يلي بعض هذه الأساليب :
أ ـ الأسالـيـب التـقـليـديـة : يقصد بالأساليب التقـليدية تلك التي لا تـتبع خطوات المنهج العلمي في عملـية اتخـاذ القرارات وغـالـبا ما تعـتـمد على الخـبرة السابقـة و التقـديرات الشخصية , و تعـود جـذور هـذه الأساليب إلى الإدارات القـديمة  
1 ـ الخبرة Experience : يمر المـديـر أثناء تأديتـه لمهامـه الإدارية بالعـديـد من التـجارب التـي من شأنها أن تـكون بمثـابة دروس تكسبه المزيد من الخبرة التي تساعده في اتخاذ القرارات ، كما أنه يمكن أن يستـفـيد من خبرة زملائه المـديرين أو حتى المـدراء المتقـاعـدين , لكـن هــذا الأسـلوب لا يـخـلو مـن المخاطر فـقـد يكون حـل المشكلات الجـديـدة مـخـتلف عن حـل المشكلات القديمة ، و في هـذه الحالة مـن غـير المناسب تطبيق دروس و تجارب الماضي على الحاضر حيث أنه من المسـتبعد أن تتطابق المواقف المستقـبلية تطابقا كاملا مع مـواقف سابـقـة , لـذا فالمدير الناجح هو الذي يمـكنه تدعيم خبرته السابقة بدراسة البيانات و المعلومات المتعلقة بالموقف الجديد قبل اتخاذ القرار .
2 ـ إجـراء الـتجارب Experimentation :
بـدأ تـطبـيق أسـلـوب إجراء التجارب في مجالات البحث العلمي , ثم انـتقل تطبيقه إلى الإدارة وتحديدا مجال اتخاذ القرارات و ذلك بأن يتولى متخذ القرار إجراء التجارب آخذا بعين الاعتبار جميع الاحتمالات المرتبطة بالمشكلة محل القرار، ومن خلال هـذه التجارب يقوم باختـيار البديل الأنسب .
ومن مزايا هذا الأسلوب أنه يساعد المدير متخذ القرار على اختيار أحد البدائل المتاحة و ذلك بعد
إجـراء تجارب على كل منها و إجراء تغـييرات أو تعـديلات على أفضل بديل بناءً على التغيرات الـتي تكشـف عنها التجارب و بالتـالي هـذا الأسـلوب يمنـح الـفـرصة للـمـدراء للتعلم من الأخطاء السابقة و محاولة تجنبها مستقبلا , و لكن يجب الإشارة إلى أن هـذا الأسـلوب عالي التـكاليف كما أنـه يستغرق وقـت طويل , فإجراء التجارب تحتاج إلى معـدات و آلات ويـد عـاملة .و لعـله من الضروري أن نـشير إلى أنـه يمـكن الجـمع بين الخبـرة و الـتجربة و مثال ذلك أنه إذا أرادت شركة ما إنتاج سلعة جديدة , فقد تحتاج إلى خبرة الشركات الأخرى المنتجة لسلعة مماثلة ثم تـجـري تجـارب على ضوء هذه الخبرات لتتمكن من اختيار البديل الأفضل  .
3 ـ البـديهـة و الحـكـم الشخصيIntuition :"
يعـني هـذا الأسلوب استخـدام المدير حكمه الشخصي و اعـتـماده على سرعـة البديهـة في إدراك العـناصر الرئيسـيـة الهـامة للمواقف والمشكلات التي تـعرض لها , و الـتـقـدير السلـيـم لأبـعادها , وفي فـحص و تحـلـيل و تقـييم البيانات و المعلومات المتاحة و الفهم العميق و الشّامل لكل التفاصيل الخاصة بها " .
ولكن يؤخذ على هذا الأسلوب أنه نابع من شخصية المدير واتجاهاته النفسية و الاجتماعية و هذه سمات غير ثابتة , لكن يمكن أن يكـون هـذا الأسلوب مجديا في اتخاذ القرارات غير الإستراتيجية أو قرارات موقفية لا تحتمل التأجيل ,هنا تظهر كفاءة المدير ومدى قدرته على تحمل المسؤولية .
4 ـ دراسـة الآراء و الاقـتـراحات و تحلـيـلها :
يـتـمثـل هـذا الأسـلـوب فـي دراسـة الـمـدير الآراء والاقـتـراحات التي يقـدمها المـستشارون و المتخصصون لحل مشـكلة ما و تحليلها لاختيار البديل الأفضل , و من مزايا هذا الأسلوب أنه أقل تكلفة , كما أنه لا يستغرق وقتا و جهدا كبيرين .
يتضح مـن خـلال الـعـرض السابق أن الأساليب التقليدية لاتخاذ القرارات تعتمد على أسس و معايير نابعة من شخصية المدير و قدراته و معارفه , وأن هذه الأساليب استطاعت أن تحقق قـدرا مـن النجاح في ظل ظروف و مواقف معينة  .
ب ـ الأساليب الكمية فى صنع القرار ومنها :
بحوث العمليات : تسمح باستخدام مقادير هائلة من البيانات وبالتعبير عن العلاقات المتشابكة التى تربط بين عدد هائل من المتغيرات القابلة للقياس الكمي وذلك على شكل نماذج رياضية حيث المشكلات الإدارية الأكثر تعقيداً:
البرمجة الخطية:  لمعالجة مواقف تخصيص الموارد بين أوجه استخدام متنافسة ومتباينة وعندما توجد علاقة خط مستقيم بين المتغيرات فإنه من الممكن تحديد الوضع الأمثل للتشغيل .
تقليد المواقف:   تشغيل المشكلة فكرياً وحسابياً مع حسب المتغيرات والأحداث المؤثرة فيها وذلك فى علاقات ومقادير متفاوتة بقدر ما يتصور في الواقع الفعلي ويعبر عن المتغيرات بأسس كمية كما تعالج احتمالات حدوثها وفقاً لنظرية الاحتمالات.
نظرية المباريات: بيان الحل الأمثل الذي تتبناه الإدارة في مواجه موقف معين يتضمن إستراتيجية من شأنها تحقيق أكبر كسب ممكن وتخفيض الخسائر إلى أقل حد ممكن أيضاً للتفاوض مع موردين أو مع مديري شركات أخرى وفى اتخاذ القرارات بمجالات يكون لعمل المنافسين فيها شأن خطير.
- الطريقة البيانية   تستخدم لتقييم بدائل بين متغيرين
- السمبلكس  للتعامل مع مواقف متعددة المتغيرات
- التخصيص  لتقييم بدائل متعلقة بتوزيع المهام علي عدد مماثل للآلات آو الأفراد.
- النقل للتعامل مع مواقف في ظروف التأكد وتقييم بدائل لنقل كميات من السلع .
- نظرية الصفوف    للمفاضلة بين بدائل تعالج نقاط اختناق في قسم أو عنبر بمصنع.
- أسلوب بيرت: والمسار الحرج لتقييم  بدائل في مواقف الأحداث الاحتمالية وغير الاحتمالية وتحديد الأنشطة الحرجة كما تساعد في تحليل فاعلية التكاليف .
تحليل ماركوف: للتنبؤ بسلوك العملاء بالنسبة لموقف أو مشكلة معينه
* شجرة القرارات: هي شكل بياني يأخذ صورة شجرة تنتج بدائل ويستخدم في حالة المفاضلة على البدائل في معيار واحد مثل الربح وخفض التكاليف يكون القرار الرشيد باختيار القرار صاحب العائد الأعلى .
المطلب الثاني: معوقات ومقومات اتخاذ القرار:
    يقصد بالمعوقات في عملية اتخاذ القرارات تلك القيود أو القوى المؤثرة بشكل سلبي على فاعلية عملية اتخاذ القرار، أو على أي مرحلة من مراحل هذه العملية ، ويمكن توضيحها فيما يلي :                    
أولا- المعوقات الداخلية في عملية اتخاذ القرار:
   وتتمثل هذه المعوقات في العوامل الداخلية وتكون حدود السيطرة والتحكم جانب الإدارة وتتفاوت هذه المعوقات من مؤسسة إلى أخرى ، وأكثر هذه المعوقات انتشارا في التطبيق العلمي وتتمثل فيما يلي : (1)      
1- السياسة الحالية : وتعتبر السياسة الحالية التي تتبعها الإدارة العليا نوعا من القيود الداخلية المفروضة على مديري العمليات والتسويق وغيرهم عند اتخاذ القرارات الخاصة بإدارتهم .                          
2- الإمكانيات المالية المتاحة : وهي تعتبر من العوامل المؤثرة بشكل مباشر على عملية اتخاذ القرارات ، خاصة في مرحلة تقييم البدائل حيث يتم اختيار البديل الذي هو في حدود هذه الإمكانيات ، ويعتبر هذا العامل أحد القيود المفروضة على القرارات التي يتخذها المديرين في كافة المستويات الإدارية .                  
3- سلوك الأفراد : من القيود الهامة التي تعرقل اتخاذ القرارات سلوك الأفراد العاملين في المؤسسة خاصة هؤلاء الذين سوف يتأثرون بنتائج القرار .                                                                
4- عدم توفر الكفاءة الإدارية : إن عدم توفر الكفاءة الإدارية ذات الدراية بالأساليب الحديثة في اتخاذ القرارات بجانب الخبرة المتراكمة في هذا المجال . وقد يتضح ذلك من عدم قيام بعض المديرين بتحديد وتشخيص المشكلة بدقة .                                                                                  
5- نقص المعلومات : إن عدم كفاية المعلومات بجانب عدم دقتها أحد المعوقات الهامة التي تؤثر على فاعلية عملية اتخاذ القرارات على جميع المستويات الإدارية ، إن وجود الخبرة ليس بالأمر الكافي بل لابد من تدعيمها بأحدث المعلومات عن الموقف المحيط بالمشكلة .                                                                                              
ثانيا- المعوقات الخارجية في عملية اتخاذ القرار :
    إن المعوقات الخارجية التي مصدرها البيئة المحيطة بالمؤسسة وتحد من فاعلية عملية اتخاذ القرارات ، وهذا النوع من المعوقات لا يقع تحت سيطرة أو تحكم الإدارة ، لكن هذا لا يمنع متخذ القرار من دراستها والتنبؤ بها والعمل على التكيف معها ، وتتمثل هذه المعوقات في البيئة ذات الصبغة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية وغيرها .                                                                      
مقومات اتخاذ القرار:
1- الاعتماد عل البيانات الكافية حول المتغيرات الداخلية والخارجية المتعلقة بالمشكلة والموقف المحيط بها .
2- الاستخدام المناسب لتكنولوجيا المعلومات الحديثة، بغرض إنتاج المعلومات الدقيقة والمصنفة حسب احتياطات متخذ القرار .                                                                                  
3- ضرورة إدراك أن كل قرار ينطوي على نتائج متوقعة وأخرى غير متوقعة.
4- ضرورة إدراك أن القرار ينطوي على جوانب ملموسة وأخرى غير ملموسة وتتعلق بالجوانب النفسية والإنسانية التي تواجه متخذ القرار.                                                                      
5- إن عملية اتخاذ القرارات غير الروتينية لا بد وأن تنطوي على التفكير والابتكار.
6- الاهتمام بالأسلوب الجماعي عند اتخاذ القرار للاستفادة من التخصصات المتنوعة.
7- التكيف مع التغيير في المواقف المحيطة حتى يضمن المدير النجاح للقرار .
8- الاقتناع بأن عملية اتخاذ القرارات لا تنتهي بمجرد اتخاذ القرار بل يجب متابعة وتنفيذ القرار.
9- تعديل القرار إذا تم اكتشاف عدم فاعليته في معالجة المشكلة المعنية.
10- أن يأخذ القرار في الاعتبار العوامل المؤثرة على الموقف .

خاتمة:
إن عملية اتخاذ القرار و نظرا لأهميتها داخل المؤسسة تحظى باهتمام كبير من طرف المسيرين بسبب الدور الإستراتيجي الذي تقوم به و هو توجيه المؤسسة و ترشيدها للوصول إلى الأهداف المسطرة ، و لكن هذه القرارات لن تكو من العدم و إنما بتوفر مجموعة من العوامل، و من أهمها هو العنصر البشري الذي يلعب الدور الحاسم في هذه العملية ، فالقرار ليس مجرد موقف شاذ يتخذ في لحظة زمنية معينة و إنما يكون و فقآ لمراحل و دراسات نقوم بها قبل اتخاذ القرار ، و ذلك انطلقا من تحديد المشكل و ثم دراسته و تحليله و تحديد البدائل الممكن المفاضلة بينها ثم اختيار البديل الأفضل من بينها و تنفيذ هذا البديل ، و أيضاً القرار ليس صنف واحد فنجد له العديد من الأشكال و الأصناف، و تتعدد أساليب اتخاذ القرار وذلك حسب نوع القرار في حد ذاته أو نظرا لنوع المشكل أو طبيعة نشاط المؤسسة او غيرها، فمن هنا نستنج أن القرار ليس أمرا سهلا ولا يستهان به وإنما هو العمود الفقري لكل مؤسسة تريد تحقيق أهدافا و الوصول إلى النتائج المرجوة .فلهذا نقول في النهاية يجب على المؤسسات ، خاصة في دول العالم الثالث أن تولي أهمية كبير للقرارات المتخذة من أجل تطوير و ازدهار مؤسساتها ، باعتبار أن المؤسسة هي قلب الاقتصاد و خاصة في ظل الظروف العالمية الاقتصادية التي نعيشها.

بحث النظام المالي الاسلامي


النظام المالي الاسلامي
خطة البحث:

مقدمة
المبحث الأول:مصطلحات النظام المالي الاسلامي و قواعده
   المطلب الأول: تعريفات لمصطلحات النظام المالي الاسلامي
   المطلب الثاني: قواعد النظام المالي الاسلامي
المبحث الثاني: أهداف النظام المالي الاسلامي و سياسته و إيراداته ونفقاته
   المطلب الأول: أهداف النظام المالي الاسلامي
   المطلب الثاني السياسة المالية في الاسلام
   المطلب الثالث: ايرادات و مصروفات النظام المالي الاسلامي
المبحث الثالث: خصائص النظام الاسلامي و وظائفه
   المطلب الأول: خصائص النظام المالي الاسلامي
   المطلب الثاني: وظائف النظام المالي الاسلامي
خاتمة


يولي الإسلام أمور المال عناية كبيرة ، فيهتم بموضوع اكتسابه وإنفاقه فيضع القواعد والمبادئ التي تنظمه باعتباره عصب الحياة ، وتقديراً لآثاره ودوره في حياة المجتمعات. ومما يؤكد أهمية المال، واهتمام الإسلام بذلك ورود لفظ المال في القرآن الكريم ست وثمانون مرة، وفي ذلك دليل على أن نظرة الإسلام إلى المال نظرة اهتمام وتقدير للآثار التي يحققها، فتوفر المال عامل من أهم العوامل التي تمكن الإنسان من تشكيل الحياة بالصورة الجميلة التي يسعى دوماً إلى تحقيقها  وهذه الصورة لا يمكن أن تتحقق أو تؤتي أُكلها المرجوة ، إن لم تدعم بالأنظمة والأجهزة المالية المناسبة لرعايتها والعمل على أدائها بما يخدم ويحقق أهداف المجتمع ونظراً لأن الإسلام يحرص أن يقوم المال بدوره السليم في حياة المجتمع ولا ينقلب إلى أداة فساد وإفساد ، فقد اهتم بتنظيم أُمور المال ووضع القواعد والمبادئ كالعدالة والملائمة والاقتصاد التي يستند إليها في تنظيم  المال العام ، حيث يعد النظام  المالي  في الإسلام بمثابة تخطيط دقيق وتنظيم علمي متكامل و ذلك . فما هي ميكانزمات النظام المالي الإسلامي؟

المبحث الأول : مصطلحات النظام المالي الاسلامي و  قواعده: نقوم في هذا المبحث بإعطاء مجموعة من التعريفات لمجموعة من المصطلحات المتعلقة بالبحث ثم نعرج على قواعد النظام المالي الاسلامي كالتالي:
المطلب الأول تعريفات  لمجموعة من مصطلحات:
و قبل أن نتطرق لمفهوم  النظام المالي الاسلامي، لا بد من التطرق لمفهوم المال.
مفهوم المال:لغة : المال ما يمتلك من كل شيء و يجمع من أموال , وفي لسان العرب ما يتملكه المرء من الذهب و الفضة , ثم أطلق على كل ما يقتنى و يملك من الأعيان .
اصطلاحا : ( اصطلاح الفقراء و المعاصرين ) المال ما كان له قيمة مادية وجاز شرعا الانتفاع به في حالة الاختيار، أي أن المال ما يمكن حيازته و الانتفاع به و التصرف فيه .
وبالجمع بين التعريفين يمكن القول أن: المال يتمثل في كل ما كانت له قيمة مادية و جاز للإنسان امتلاكه و الانتفاع به في حالة الاختيار، على أن يكون هذا الانتفاع ممكنا لكافة الناس لا من بعضهم.
و الإنسان مستخلف في الأرض على ما يملك من ممتلكات ، و يجب عليه التصرف في هذه الأموال بما يرضي الله عز وجل وفقا لتعاليم الله سبحانه و تعالى في الكتاب و السنة. و الإسلام لا يعتبر المال شرا، بل يعتبره خيرا و نعمة إذا اخذ من حله و أنفق في محله، و لم يبخل عن حقه. و قد كان النبي الكريم- صلى الله عليه و سلم- يدعو الله فيقول:" اللهم إني أسالك الهدى، و التقى و العفاف و الغنى" رواه مسلم، و امتن الله عليه فقال (و وجدك عائلا فأغنى) سورة الضحى: الآية 08.
و قال عليه السلام:" ما نفعني مال كمال أبي بكر" رواه الترميذي، و لقد جاءت نصوص و أحكام القرآن الكريم، و السنة تنظم شأن المال، و التعامل فيه، و تعتبره عصب الحياة، فلا يترك للحمقى و الطائشين ليتلفوه، مثل قوله تعالى  (و لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) . سورة النساء: الآية 05
كما أن أركان الإسلام فيها ركن يتعلق بالمال و توزيعه لمستحقه، و هو الزكاة. كما أن الموبقات السبع تتضمن كبيرتين تتعلقان بالمال، و هما:" أكل الربا، و أكل مال اليتيم ."  و عليه يمكن أن نعرف المال وفقا لتعريف- عبد المنعم عفر- كما يلي: " المال هو ما كان له قيمة مادية بين الناس و جاز شرعا الانتفاع به في حال السعة و الخيار".
و من واقع التعريف للمال في الفقه الإسلامي يتبين أن أهم الشروط الواجب أن تتوفر في الشيء حتى يعتبر مالا هي:
- إمكانية حيازته و إحرازه و امتلاكه.               -إمكانية الانتفاع به شرعا .

مفهوم التمويل في الإسلام :- لغة: أي أعطيه المال, فالتمويل هو إنفاقه أي أموله تمويلا، أي أزوده بالمال.
اصطلاحا: تتضمن كلفة و مصدر الأموال وكيفية استعمالها و طريقة إنفاقها و تسيير هذا الإنفاق.
لعل أهم ما استحدث من إجراءات ووسائل لتطبيق النظام المالي في الإسلام هو إنشاء الدواوين المختصة وأهم هذه الدواوين هو ديوان بيت المال الذي كان يمثل وزارة المالية أو البنك المركزي للدولة الإسلامية ، فهو يشرف على الموازنة العامة وفي استيفاء الموارد وضبط النفقات وغيره من الأعمال المتعلقة بالسياسة المالية للدولة ( ).
تعريف النظام المالي الإسلامي:
- يمكن أن نعرف النظام المالي الإسلامي بأنه مجموعة من الأحكام الشرعية التي وردت في القرآن الكريم ، و السنة النبوية، فيما يتعلق بالأموال و كيفية الحصول عليها و طرق ذلك، و كيفية التصرف فيها. أي: بالمالية العامة و كيفية جباية الإيرادات العامة من مصادرها المختلفة و المتعددة، و كيف يتم إنفاقها وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
- "مجموعة المبادئ والأصول الاقتصادية التي وردت في القرآن والسنة والتي تعالج الإيرادات العامة وإنفاقها، والموازنة بينها ، وتوجيهها لتحقيق أهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية "( )
تعريف بيت المال: بيت المال لغة: هو المكان المعد لحفظ المال، خاصا كان أو عاما.
وأما في الاصطلاح: فقد استعمل لفظ " بيت مال المسلمين"، أو " بيت مال الله " في صدر الإسلام للدلالة على المبنى والمكان الذي تحفظ فيه الأموال العامة للدولة الإسلامية من المنقولات، كالفيء وخمس الغنائم ونحوها، إلى أن تصرف في وجوهها. ثم اكتفي بكلمة " بيت المال " للدلالة على ذلك، حتى أصبح عند الإطلاق ينصرف إليه. وتطور لفظ " بيت المال " في العصور الإسلامية اللاحقة إلى أن أصبح يطلق على الجهة التي تملك المال العام للمسلمين، من النقود والعروض والأراضي الإسلامية وغيرها. والمال العام هنا: هو كل مال ثبتت عليه اليد في بلاد المسلمين، ولم يتعين مالكه، بل هو لهم جميعا. قال القاضي الماوردي والقاضي أبو يعلى: كل مال استحقه المسلمون، ولم يتعين مالكه منهم، فهو من حقوق بيت المال. ثم قال: وبيت المال عبارة عن الجهة لا عن المكان. أما خزائن الأموال الخاصة للخليفة أو غيره فكانت تسمى " بيت مال الخاصة"
وقد نشأ بيت المال منذ أيام النبي فقد وضع على الأموال أمينًا. ووضع صاحب جزية وصاحب عُشْر وصاحب خراج وعامل زكاة وخارصًا (مخمِّنا) وعيّن خَزَنة وضرب المكاييل.
وفي عهد عمر رضي الله عنه دُوّنت الدواوين لاتساع رقعة الإسلام وكثرة الأمة وتشعب الاحتياجات. فوضع ديوان الأنساب، وديوان الجند، وديوان الجزية، وديوان الخراج، وديوان الصدقات.
وبعد انتشار الإسلام في الشام والعراق نشأ ديوان الاستيفاء وجباية الأموال. وكان ديوان الشام بالرومية وديوان العراق بالفارسية. لينقل للعربية في زمن الخليفة الأموي عبد الملك ابن مروان .
المطلب الثاني :قواعد وأسس النظام المالي الإسلامي: نلخصها فيما يلي:
أولا- العقيدة: نجد من أهم آثار العقيدة الإسلامية انقياد المسلم للأوامر، والنواهي التي جاءت بها الشريعة لاعتقاده أن الله الخالق القادر الذي شمله بنعمه هو مصدر هذه الأوامر، والعمل بمرضاة الله وشكره على نعمته، فالعقيدة الإسلامية تحمي المسلم الحق من الوقوع في الخطأ، وتحمي فيه روح المراقبة لله الخالق الذي يعلم السر و أخفى.




قال تعالى ( اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) البقرة 635. فالمسلم صحيح العقيدة قوي الإيمان، يعمل الخير، وينتهي عن مخالفة الشريعة دون رقيب خارجي.
ثانيا – المساواة بين الناس: المساواة دعامة أساسية تحقق للأفراد والجماعات العدل في المعاملات، وتحميهم من عبث العابثين، وانحرافاتهم، فليس هناك تفاضل بين مسلم وآخر إلا بقدر عمله الصالح.
وفي هذا يقول جل شأنه (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوبا. وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير) سورة الحجرات  الآية 13بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم – مبدأ المساواة في عبارات واضحة في خطبة حجة الوداع.فقال – صلى الله عليه وسلم:  – "يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، و إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود ، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى". مسند احمد.
وقد حقق الإسلام المساواة في شؤون الاقتصاد، فجعل الناس سواسية أمام الفرص المتاحة، وجعل من حق كل فرد أن يمتلك وان يعمل، محققا تكافؤ الفرص بين الناس في ميادين النشاط الاقتصادي المختلفة ليأخذ كل عامل من ثمرات عمله وجزاء اجتهاده.
ثالثا – العدل: قال الله تعالى " يأيها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا اعدوا هو اقرب للتقوى"  سورة المائدة : الآية: 08
فالعدل يطمئن الناس على حقوقهم ونتائج أعمالهم فلا يخشون تسلط الأقوياء، وبطش الحكام. فالاستقرار، والنمو، والازدهار الاقتصادي ليس له من سبيل سوى نشر العدل بين الناس، والقضاء والحكم به .
رابعا – التكافل الاجتماعي : يقوم على إيجاد مجتمع فاضل متماسك بمبادئ وأحكام الشرع الحنيف، قال عز وجل ( كنتم خيرا امة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر وتؤمنون. بالله ) سورة آل عمران : الآية 110
والمسؤولية في ذلك جماعية، وفي ذلك يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في البيت زوجها ، وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته " رواه البخاري ومسلم. أي لا يوجد فرد معفى من رعاية مصالحه ومصالح الأخر،  ما يؤدي للتكافل الاجتماعي في الاسلام، والذي يقوم عليه اقتصاده ، وبه تنمو ثروته و دخله.
خامسا – الالتزام بالمقاصد الشرعية للأموال: يمكن أن نجملها حسب ما حددها الفقهاء في النقاط الخمسة التالية:
-1 وضوح الأموال: هو تيسير عملية امتلاكها، واستغلالها، وتوظيفها واستعمالها بحيث تتبين الطرق المباحة، وتظهر الوسائل المشروعة ما يؤدي إلى الابتعاد عن المنازعات، والخصومات كما يراعي تحقيق هذا المقصد في الأموال العامة، وذلك بإبعادها عن الانتهاب، وأخذها بطرق الاحتيال المتنوعة.
-2 حفظ الأموال: يعرف محمد الطاهر بن عاشور المقصود بحفظ المال فيقول :"هو حفظ أموال الأمة من الإتلاف ومن الخروج إلى أيدي غير الأمة بدون عوض،وحفظ أجزاء المال المعتبر عن التلف بدون عوض "
-3 ثبات الاموال :المقصود بها استمرارها لأصحابها و دوامها لهم في الإطار الشرعي، و هذا يقتضي عدة أمور منها:
- اختصاص المالك في أمواله في الحدود المشروعة دون ضرر أو خطر.
- حرية التصرف في دائرة الضوابط الشرعية و الحدود الموضوعية.
- ألا يؤخذ المال من صاحبه دون رضاه.
-4 العدل في الأموال :يقصد بالعدل في الأموال أن يكون حصولها بالطرق الشرعية المختلفة و أن لا تكون عملية ظلم في اكتسابها وتحصيلها .ومن مقتضيات العدل في الأموال أن تكون عمليات الاستثمار، والتنظيم والاستخدام مبنية على قواعد الشرعية، وضوابطها التي يؤدي تطبيقها إلى تحقيق المصلحة الاجتماعية لأفراد الأمة مثل قاعدة حرمة الربا، وحرمة الاحتكار، والغش.
5- رواج الأموال: "الرواج دوران المال بين أيدي أكثر ما يمكن من الناس بوجه حق، وهو مقصد شرعي عظيم ". فان فلسفة الإسلام مبنية على أساس اعتبار أن مصالح الدنيا مبنية على مصالح الآخرة، ولذلك فالمصلحة العليا تقتضي ترويج وتداول المال دون الخوف من الفقر بالنسبة للمنفقين، طالما كانت في الحدود المشروعة، قال الله تعالى :" ما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ". سورة سبا : الآية139.
وكنتيجة لهذا المبحث –نقول ان النظام المالي العام الإسلامي هو مجموعة أحكام شرعية تتعلق بالمال، فيضع له أسس وقواعد واضحة، خاصة تحقيقه لمقصد إبعادها عن الانتهاب، واستغلاله فيما يرضى المولى عز وجل، فالنظام المالي الإسلامي نظام مستقل، شرعي وشامل، ويؤثر في كافة جوانب الحياة، إذا انه يعمل داخل نظام اقتصادي تحدد أحكامه الشرعية الإسلامية.

المبحث الثاني: أهداف و سياسة النظام المالي ، ايراداته و مصروفاته:
المطلب الأول: أهداف النظام المالي الإسلامي : إن الحياة الاقتصادية وأوجه النشاط الاقتصادي في المجتمع لها جوانب متعددة وتسعى الدولة في هذا المجال إلى وضع أهداف محددة تسعى إلى تحقيقها في الحياة الاقتصادية عبر وسائل وأدوات محددة ويمكننا اعتبار أهم أهداف النظام المالي الإسلامي:
1)تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية (الضمان الاجتماعي) ويشمل العمل بهذا المبدأ نقطتين رئيسيتين:-
أ/ ضمان حد أدنى من الدخل (حد الكفاية) لكافة أفراد المجتمع.
ب/ مواجهة أي تفاوت في مستويات الدخل والثروة داخل المجتمع وتقليل الفجوة في مستويات الدخل.  
2)تحقيق التنمية الاقتصادية وذلك من خلال استغلال الموارد الاقتصادية بصورة مثلى "التوظيف الكامل للموارد"
3)تحقيق الاستقرار الاقتصادي وذلك من خلال المحافظة على مستوى النشاط الاقتصادي في قطاعات الدولة المختلفة والعمل على رعايتها وتنميتها بما يضمن تحقيق القوة والعزة الاقتصادية.
وهذه الأهداف الثلاثة هي الأهداف الرئيسية والتي يتشعب عنها عشرات الأهداف الوسطية التي تتدرج في مستوياتها وأهميتها ومن أمثلة ذلك:1- مواجهة الأوضاع الطارئة وغير العادية .
 2 - تسيير العمل في أجهزة الدولة وهو ما يطلق عليه مصطلح المصالح العامة.
3- التوازن والاستقرار بين أجيال الأمة.          4- القيام بالواجبات الكفائية في جميع المجالات .

المطلب الثاني : السياسة المالية في الإسلام: يعتمد أي نظام لتحقيق أهدافه على سياسة معينة ، والنظام المالي الإسلامي كأي نظام مالي لا بد  له من سياسة يعتمد عليها للوصول إلى أهدافه وهو ما يطلق عليه بالسياسة المالية للدولة التي تمثل الجانب التطبيقي للنظام المالي في الإسلام حيث تسعى الدولة من خلالها إلى الموائمة بين المبادئ والأصول العامة التي تشكل النظام المالي والواقع المتغير الذي يعيشه المجتمع في أي عصر من العصور، حيث تربط بين اهداف المجتمع في أي عصر من العصور والأدوات المالية للنظام بصورة تحقق مصلحة المجتمع.
والسياسة المالية في الإسلام هي جزء من السياسة الشرعية باعتبار أن النظام المالي جزء من التشريع الإسلامي فإذا كانت السياسة الشرعية تعني " فعل شي من الحاكم لمصلحة يراها وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي."
وإنما يشترط في هذه الأحكام أن تكون متفقة مع روح الشريعة و الاصول الكلية ولا تتعارض معها وعليه تكون السياسة المالية في الإسلام "مجموعة الوسائل المستخدمة لتدبير الموارد المالية التي تكفل سد النفقات التي تقتضيها المصالح العامة وتوجيهها لخدمة أهداف المجتمع.ويعرفها البعض"بالسعي لتحقيق واقع هو أقرب إلى أهداف المجتمع ".
ويعرفها البعض الآخر بأنها: استخدام الدولة لإيراداتها ونفقاتها بما يحقق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في ظل ما تعتقد من عقائد وفي حدود إمكانيتها المتاحة.
و يشترط كذلك في هذه الوسائل أن تكون السياسة في الإسلام مبنية على أسس العدل والرحمة والتوفيق بين المصلحة العامة ومصلحة الأفراد، ولضمان أن تتصف بذلك لا بد من توفر أمرين:
أولاً: أن يراعي في الحصول على الإيراد العدل والمساواة بحيث لا يطالب فرد بأكثر مما تتحمله طاقته وتستدعيه الضرورة
الثاني: أن يراعي في عملية الإنفاق مصالح الدولة فلا تراعي مصلحة دون أخرى بل تغطى النفقات حسب أهميتها فلا يكون نصيب المهم أوفر من نصيب الأهم وكل هذا في حدود الموارد والإمكانات.

المطلب اثالث: ايرادات و مصروفات النظام المالي الاسلامي: تعتمد السياسة المالية لتحقيق أهدافها على الأدوات المالية للنظام أي على الإيرادات العامة والنفقات العامة بمختلف أنواعها.
يقتضي الإنفاق العام أن يلتزم بمبادئ الشرع الحنيف لتحقيق الأهداف المرجوة. أما الموازنة فهي المعادلة والمقابلة والمساواة بين الموارد المالية الإسلامية وأوجه الإنفاق المختلفة وهو ما تحرض عليه الدولة الإسلامية تنفيذا لتعليمات الخالق جل وهلا حيث يقول " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولو يقتروا كان بين ذلك قواما " والقوام يعني الوسط والاعتدال ، و يرى المفكرون الماليون أن أدوات السياسة المالية في الإسلام هي نفس الأدوات المالية في النظم المالية الوضعية وهي الإيرادات العامة والنفقات العامة بمختلف أنواعها  .
1- الزكاة: هي فريضة فرضها الإسلام , تعتبر من أركانه الخمسة تؤخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء, عملا بقوله تعالى: "والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"[سورة المعارج: الآيتان 24-25], و "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" [سورة التوبة: آية 103].
مصادر الزكاة: *زكاة المواشي: الإبل والغنم والبقر        * زكاة الذهب والفضة          * زكاة التجارة
               *زكاة المعادن                          *زكاة الزروع والثمار      
 كيفية صرف أموال الزكاة: ينفق مال الزكاة في جهات ثمان, حسب ما ورد في قوله تعالى: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" [سورة التوبة: اية 60]. الفقراء, هم الذين لا شي لهم; المساكين, هم الذين يملكون شيئا قليلا (وقيل العكس); ا لعاملون عليها, القائمون بجبايتها وتفريقها;  المؤلفة قلوبهم, هم الذين كان النبي وخلفاءه يتألفونهم لكف أذاهم عن المسلمين, أو لترغيبهم في الإسلام;  وفي الرقاب: مساعدة العبيد على التحرر من أسيادهم ; الغارمون: هم المدينون الذين استدانوا في مصالح أنفسهم, أو في مصالح المسلمين, فيعطى لهم ما يقضون به دينهم;  وفي سبيل الله: أن تعطى للغزاة, وأهل الجهاد في سبيل الله, نفقة ما يحتاجون إليه في حروبهم-  وأبناء السبيل: هم المسافرون المنقطعون في بلد ما، فيعطون ما يرجعون به إلى بلدهم وأهلهم.
2-الخراج: هي مقدار من المال أو المحاصيل, كانت تفرض على الأراضي التي صولح الأعاجم عليها (أهل الذمة اليهود والنصارى), ولا تسقط إذا اسلم الذمي. وتؤخذ ضريبة الخراج عن الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة (بقتال) وعن الأراضي التي أفاء الله بها على المسلمين فملكوها وصالحوا أهلها عليها, ولم يكن مقدار الخراج ثابتا.
ضريبة الخراج كانت تفرض على:
ا. الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة (بالقتال), إذا عدل الخليفة عن تقسيمها على المحاربين, بعد أن عوضهم عن نصيبهم فيها; كما فعل الخليفة عمر بن الخطاب في ارض السواد في جنوب العراق.
ب. الأراضي التي أفاء الله بها على المسلمين (إي حصلوا عليها دون قتال) فملكوها, وصالحوا أهلها عليها, على أن يتركوها المسلمون بخراج معلوم, يئدونه إلى بيت المال, وبهذا تصبح الأراضي ملك للدولة الإسلامية بفعل عملية الفتح, فتبقى بأيدي أصحابها السابقين من أهل الذمة (النصارى واليهود والمجوس) للاستفادة منها مقابل دفع خراجها, فلا تسقط ضريبة الخراج عنا إذا اسلم الذمي. وكان الخراج لا يفرض على ثلاثة  أنواع من الأراضي, بل يدفع عنها أصحابها عشر ثمارها و محصولاتها، وتسمى : الأرض العشرية, وتشمل : 1- الأرض التي أسلم أهلها, وهم عليها دون قتال, فتترك لهم.
2- الأرض التي ملكها المسلمون بالقتال وقهرا, إما من أهل الذمة, أو من المشركين, فتعتبر غنيمة حرب, تقسم بين الفاتحين.
3- أراضي الموات (البور), التي تمنح للمسلم ليستصلحها.
مقدار الخراج: لم يكن مقدار الخراج ثابتا; وقد جرى تحديدها بإحدى الوسيلتين: أن تحسب على أساس مساحة الأرض, إي حساب المساحة; أو أن تحسب على أساس ما تنتجه الأرض من الزرع; وهذا يعتمد على مدى خصوبة الأرض.
كيفية صرف الخراج: إنشاء مشاريع عامة لخدمة عامة المسلمين مثل: حفر قنوات للمياه لتوصيل الماء إلى الأراضي البعيدة وإقامة السدود والجسور على الأنهار الكبرى وتعبيد الطرقات.
3. الجزية: هي ضريبة شخصية فرضها الإسلام على الرجال القادرين من أهل الذمة (النصارى واليهود والمجوس) مقابل بقائهم على دينهم, والكف عنهم, والحماية لهم فهم في ذمة المسلمين. تسقط الجزية عن الذمي في حالة إسلامه ويدفع الزكاة, فقد حدد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب مقدار الجزية : 48 درهم من الأغنياء, 24 درهم من موسطي الحال, 12 درهم من الفقراء تؤخذ الجزية من الذكور و سقطت عن النساء والصبيان والشيوخ والعميان والمعاقين والمقعدين والمجانين ، ورجال الدين إلا إذا كانوا أغنياء.
طرق جباية الجزية: حث الإسلام على الرفق والإنصاف في جباية الجزية من الذميين. وحماية أرواحهم وأموالهم من عبث الجباة; فلا يعذبون أو يهانون ولكن يرفق بهم ويسجنون في حالة عدم دفعهم الجزية; كما انه باستطاعة الذمي الامتناع عن دفع الجزية إذا لم توفر له الحماية.
كيفية صرف الجزية: تصرف في مصالح الدولة العامة مثل النفقة على المسجونين, المعدات الحربية.
4.الفيء والغنيمة : حصل المسلمون على الغنائم في أكثر غزواتهم في بدر وفي خيبر وفي حنين.. وفي غير ذلك.
كما حصلوا على الفيء في أماكن ومواقع أخرى مثل ما وقع في غزوة بني النضير.. ووادي القرى وفدك.
وننبه إلى أن هناك فرقا بين الفيء والغنيمة.
فالفيء: هو ما أخذه المسلمون من مال الكفار المحاربين من غير قتال، وأما ما أخذوه منهم بالقوة والقتال فهو غنيمة.
ولكل منهما حكمه وجهته التي يصرف فيها، فالفيء خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه كيف شاء وفيه يقول الله تعالى:  }مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{  (الحشر: 7)
وأما الغنيمة: فإنها تخمس فأربعة أخماسها للمقاتلين والخمس الباقي لبيت مال المسلمين يصرف في مصالحهم العامة وفيها يقول الله تعالى}:  وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{  ( الأنفال: 41).
5. العشور( المكوس): يرجع هذا نظام إلى عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب وهي ضريبة فرضها المسلمون على التجار الأجانب الذين يأتون ببضاعتهم من دار الحرب: -وهي التي لا تطبق فيها نظم الإسلام، وهي في حالة حرب مع الدولة الإسلامية- إلى دار الإسلام  وقد حدد العشور بعشر البضاعة تؤخذ من كل تاجر مرة واحدة من السنة.
-الركاز والمعادن : الركاز هو مال دفن في الجاهلية ووجد، وهو المعدن الذي يوجد بغير عمل، ولبيت مال المسلمين الحق في الخمس منها، أمل المعادن فلا زكاة فيها سوى الذهب والفضة.
الموارد الأخرى: وتتمثل في الأموال التي ليس لها مستحق كالأموال التي لا يعلم لها مستحق ، والأموال التي ليس لها مالك معين مثل من مات من المسلمين وليس له وارث معين ، ومن الموارد أيضا الأوقاف التي لا متولي لها ، وذلك على شروط واقفيها إذا عرفت هذه الشروط إضافة إلى الأموال التي يصالح عليها المسلمون أعدائهم ، وما يهدونه إلى المسلمين وإيرادات الدولة من أموالها –إيرادات الدومين- كما كانت تحصل الدولة على تبرعات يقدمها أغنياء المسلمين كنفقات لتجهيز الجيوش ، وللولي أن يحدد المبلغ الواجب تحصيله على ضوء ما تمليه الحاجات الضرورية للمجتمع ، حسب قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن في المال حقا سوى الزكاة".
مصروفات بيت مال المسلمين: لقد نص القران الكريم على أوجه صرف بعض موارد بيت المال, كالزكاة, والفيء, والغنيمة كما بينا سابقا, أما بقية موارد بيت المال, فكانت تنفق على الأوجه التالية:
1. أرزاق القضاة والولاة والعمال وصاحب "بيت مال المسلمين", وغيرهم من الموظفين.
2. أرزاق الجند, ويراد بها رواتبهم, التي يقبضونها في أوقات معينة من كل عام.
3.إنشاء مشاريع عامة لخدمة عامة المسلمين مثل: حفر قنوات للمياه لتوصيل الماء إلى الأراضي البعيدة وإقامة السدود والجسور على الأنهار الكبرى.
4. النفقة على المسجونين, والأسرى من: معاش, ومشرب, وملبس.
5.شراء المعدات الحربية.
6.الإنفاق على العلماء والأدباء والشعراء كتشجيع لهم.
7. الإنفاق على الخليفة وقصر الخليفة وحاشيته وكل ما يتطلب من ذلك.
وظيفة وأهمية بيت المال: لا شك أن بيت مال المسلمين قد لعب دورا هاما في حياة الدولة الإسلامية, وخير دليل على ذلك, المصروفات التي كان يقوم بها; لاسيما تلك التي نص عليها الشرع الإسلامي ففريضة الزكاة, سعت إلى التكافل الاجتماعي , في حياة المجتمع الإسلامي ; إذ فرضت على المسلم القادر ماليا, لمساعدة الفقراء المساكين.

المبحث الثالث: خصائص النظام المالي الاسلامي و وظائفه
المطلب الأول: خصائص النظام المالي الإسلامي: إن حديثناً عن مزايا وخصائص النظام المالي الإسلامي هو حديث عن خصائص التشريع الإسلامي باعتبار أن النظام المالي جزء منه ، حيث أنه لم يشذ عن سائر ما سنه الإسلام من تشريعات بل إن النظام المالي الإسلامي استطاع أن يبرز الكثير من المزايا والخصائص المتعلقة بالتشريع الإسلامي سواء في الجانب النظري أو التطبيقي باعتباره جزء من هذا التشريع ومنبثق عن هذه الأرضية والقاعدة . و سنحاول ذكر أبرز لخصئص.
1.أنه شرعي رباني: لأنه يحتكم إلى الدين الإسلامي المنزل من عند الله سبحانه و تعالى، و يعتمد على النصوص الشرعية من القرآن الكريم و السنة النبوية، و إجماع العلماء في أحكامه و أصوله.
-2 الشمولية: و يقصد أن أصول و قواعد و أحكام النظام المالي المستمدة من الدين تعالج و تلبي كل جوانب الحياة الإنسانية: الدينية و المادية، و الأخروية، و الاجتماعية، و الاقتصادية و السياسية بشكل متوازن لا يطغى جانب على جانب آخر لأن الله خلق الإنسان من جسد و روح و سن له من الأحكام و التشريعات التي تحفظ له كل ذلك و تحقق لهما التوازن:  قال تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و. ابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)
سورة الجمعة: الآية 10
-3 الاستقرار و الانضباطية: إذ أن أصول هذا العلم ثابت لا تتغير مما جعل الأحكام المالية العامة الإسلامية تتمتع بميزة الاستقرار التي تفتقدها كل الأنظمة الأخرى ، فالأفراد و الدولة في الاقتصاد الإسلامي يعرف كل منهم واجبه و حقوقه
4:الوسطية: والوسطية احدى الخصائص العامة للإسلام والتي ميز الله بها أيضاً أمته عن غيرها من الأمم






يقول تعالى[ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ...] (البقرة:143).
والوسطية تعني أخذ الأمور بالاعتدال فلا يطغى جانب على آخر كما اشار إلى ذلك حديث الرسول "ص "ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا ، ولكني أصوم وأفطر ، وأنام وأقوم وآكل اللحم ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني"  .
مثال ذلك الاعتدال في موقفه من الملكية والحرية والإنفاق  وغير ذلك من الموضوعات. ويتضح معنى الوسطية ونتائجها من خلال الحقائق الثلاثة الآتية:  
1) تعدد الأهداف التي طالبت بها الشريعة ففي مجال الاقتصاد والمال ذكرنا العديد من الأهداف وهذه الأهداف يمكن أن تستقي منها عشرات الأهداف الوسطية وهذا ينطبق على بقية المجالات.
2) أن الأهداف الشرعية قد تتدرج قوة طلبها شرعاً من مستوى الفرض في أدنى درجات الهدف ثم مستوى المندوب ثم المباح في أقصى الدرجات.
3) أرشدت الشريعة إلى مراعاة أثر التصرف الواحد على مختلف الأهداف وأوجبت الاعتدال في تحقيق أي هدف بعينه إذا كان تحقيق أقصى درجات ذلك الهدف يبعدنا عن أهداف أخرى، وهذا التصرف له مثيله في الاقتصاد حيث أن التصرف الاقتصادي الرشيد في استهلاك عدة سلع يفترض تساوي النسبة بين المنافع الحدية لهذه السلع مع أسعارها.
5:الجمع بين الروح والمادة: حيث أن الإسلام دين الفطرة الإنسانية السليمة التي تراعي أن الإنسان مخلوق من روح ومادة واحتياجاته منها الروحية ومنها المادية .
ولهذا مزج الإسلام مزجاً تاماً بين مصالح الإنسان البدنية والروحية لأن الإنسان كل لا يتجزأ ولا يمكن أن تتحقق سعادته كاملة إلا إذا ارتقى مادياً وروحياً فيسعد في الدنيا والآخرة .( )
وتعتبر هذه الطريقة الوحيدة التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى التي قضى الله تعالى أن يختصها بناحية واحدة لا بديل عنها ، فالملائكة مثلاً تختص بالروحانيات والعبادة، أما الحيوانات فتختص بالغرائز والشهوات المادية ، فإذا استطاع الإنسان أن يجمع بين هاتين الناحيتين سما وأصبح أفضل من كل المخلوقات ، وهذا ما يسعى الإسلام إلى تحقيقه من خلال أحكامه وتشريعاته التي تنظم حياة الإنسان حيث يحدث التوازن بين متطلباته المادية والروحية.
كما أن هذه الصفة ميزت الإسلام عن الديانات المحرفة التي انحرفت عن جادة الصواب فلم توفق بين متطلبات الإنسان المادية والروحية ، فاليهودية حرفت نحو المادية القاتلة ، وجاءت ردة الفعل في المسيحية معاكسة فاتجهت إلى المتطلبات الروحية وأهملت المتطلبات المادية ، ولكن الإسلام باعتباره خاتم الأديان والرسالات جعل من تعاليمه الأساسية التوافق بين احتياجات الإنسان المادية والروحية وجاء ليلائم فطرة الإنسان السليمة.
6:التوافق بين المصلحتين العامة والخاصة: تقوم النظم الوضعية على اتجاه غير صحيح ، الرأسمالية تعطي للفرد كل شي وتقوم على أساس الحرية الكاملة للأفراد في مجال الملكية والإنتاج والاستهلاك، كما أنها تعتبر أن مصلحة الفرد مقدمة على المصلحة العامة ، والعكس تماماً في الاشتراكية حيث تصادر حقوق الأفراد ولا تعترف إلا بالمصلحة العامة وكلا الاتجاهين خاطئ في التعامل مع هذه الناحية. والمنهج الصحيح في هذه الناحية هو منهج الإسلام الذي يوفق بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، فالفرد في الإسلام له الحق في الحرص على مصلحته وتحقيقها ورعايتها ولكن الأمر ليس على إطلاقه بل له ضوابطه وحدوده فالإسلام يعطي للفرد حق الحفاظ على مصلحته ورعايتها في حدود أحكام الشرعية وبحيث لا يضر بغيره أو بالصالح العام.
والإسلام ينظر إلى الحياة الإنسانية على أساس أن المجتمع الإنساني يتكون من أفراد لهم صفاتهم الفردية وعلاقاتهم الاجتماعية، لذا جاءت النظم الإسلامية مهتمة بالجانبين الفردي والجماعي من الحياة الإنسانية، فكانت العناية بكل المصالح الفردية والجماعية وفق نسق خاص يجمع بينهما ويحرص عليهما ما دام ذلك ممكناً إلاّ إذا تعارضتا فتقدم المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية  .

و الإسلام له منهجه الخاص في الحفاظ والتوفيق بين المصلحتين ويقوم هذا المنهج علي ثلاثة أركان أساسية:
الأول: أن مناط الإسلام هو المصلحة.
الثاني: التوفيق بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة في حالة التعارض.
الثالث: تقديم المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة في حالة عدم امكانية التوفيق.
وهكذا يقوم النظام الإسلامي بريئاً من جميع العيوب المقصودة في الأنظمة الاقتصادية الاخرى، فلا فردية مطلقة تجعل مصلحة الفرد مقدمة على كل المصالح دون أي التزام نحو المجتمع ، وليست جماعية مطلقة تتجاهل ذاتية الفرد ولا تقيم لكيانه وزناً في تكوين المجتمع وخط سيره وتعامله كأنه جزء من آلة كبيرة لا حرية له ولا إرادة ، ولكن طريق الإسلام في ذلك وسط عدل موزون يعترف بذاتية الفرد ودوره المهم في تكوين المجتمع، ومن ثم يرتب على الفرد واجباً للمجتمع أن يكون في خدمته ، كما يقرر مسئولية المجتمع عن الفرد، فيترتب على المجتمع واجباً أن يرعي الفرد . وكل هذه الأوضاع تكون وفقاً للمصلحة العامة  .
7:التوازن (القوامة) : كما رأينا في البنود السابقة فإن منهج الإسلام يقوم على أساس من التوازن في جميع الأمور فوفقاً لهذا المنهج يتحقق الانسجام بين مصالح الفرد والجماعة ، وبين متعة الدنيا وثواب الآخرة، وبين المتطلبات المادية والروحية ، فلا يطغى جانب من هذه الجوانب على الآخر لأنه يؤدي إلى الاختلال إفراطا وتفريطاً .
ونلحظ هذا المنهج واضحاً في كثير من المجالات في الحياة العملية ففي مجال الإنفاق مثلاً يضع الإسلام القاعدة المتوازنة يقول تعالى [ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا ] (الإسراء:21)،                            ويقول أيضاً :[ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما....] (الفرقان:67).
وهذا المنهج الذي يحفظ التوازن في كل شيء هو(العدل) أو (القوامة) أي لا تقوم أمور الحياة بالصورة الصحيحة بدونه لأن اختلال التوازن يعني الإفراط في جانب على حساب التفريط في جانب آخر ، وهذا يتنافى مع العدل الذي قامت به السموات والأرض.
8:المرونة: لقد اقتضت مشيئة الله تعالى وهو العليم بالخير لعبادة أن يكون التشريع الإسلامي خاتم الرسالات ولذا فقد أحكم الله تعالى هذه الشريعة لأنه لن تأتي رسالة بعدها لتنسخها ، وحتى تظل هذه الشريعة صالحة على مدار الزمان ، ولعل من تمام الأحكام في هذه الشريعة أن جعل الله تعالى التعاليم الإسلامية المنظمة لهذه الحياة ذات طبيعة كلية وتوجيهات عامة غير مفصلة بل مجملة في كليات ، وهذا التعميم في نصوص الشريعة وعدم التفصيل في الجزئيات ـإلا في حالات معدودة ـ يعطي للأجيال المقبلة القدرة على تطويع هذه النصوص والأحكام الكلية ووضع التفاصيل الجزئية بما يتلاءم مع ظروف وأحوال كل عصر  ، لأن كل عصر يقتبس ما يناسبه من أحكام بما يتلاءم مع ظروفه وفقاً لهذه القواعد والتوجيهات العامة وهذا من شأنه أن يوفر عنصر المرونة في تطبيق التشريع الإسلامي على مر الزمان ، بل على جميع الظروف والأمكنة لتواكب التطورات التي تطرأ على الحياة الإنسانية ، وهذا يتطلب استمرار عملية التفكير والاستنباط في الصيغ الموافقة لهذه التطورات وبما يتفق مع الأسس والمبادئ العامة التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية.
9:الواقعية : التشريع الإسلامي يتعامل مع الأمور كلها بواقعية تامة ،وبعيداً عن الخيال والمثالية ، والأمثلة في تشريعنا الإسلامي متعددة تدل على مدى واقعية هذا المنهج فتنفيذ وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لم يترك أمرها لإرادة الإنسان إن أراد الالتزام بها أم لا ، بل تعامل مع الموضوع بواقعية حيث لم يكتف الإسلام بإشعار الأفراد وتربيتهم على الالتزام بأحكام الشريعة بوازع الإيمان والتربية الإسلامية الصحيحة التي تدفع الإنسان إلى الالتزام بأوامر الشرع ، بل أسند إلى الدولة أمر تنفيذ هذه الأحكام بقوة وسلطة الشرع ، فليس كل الأفراد على مستوى واحد في التزامهم وقوة الوازع الديني بل متفاوتون في ذلك ، فإذا ترك هذا الأمر  لإرادة الأفراد حدثت الفوضى وضيعت أحكام الدين.
وكذلك إذا نظرنا إلى الكيفية التي عالج بها التشريع الإسلامي الفقر عرفنا مدى الواقعية التي يتمتع بها، فهو لم يكتف بإشعار الأغنياء بواجبهم الشرعي تجاه الفقراء ، بل أوجد التشريع الإلزامي المتمثل بفريضة الزكاة باعتبارها حقاً معلوماً للفقير من واجب الدولة القيام لتحصيله من الأغنياء وتوزيعه على الفقراء ، وبالتالي لا يبقى الفقراء تحت رحمة الأغنياء   .
المطلب الثاني: وظائف النظام المالي الإسلامي: تطورت المالية العامة من حيث الوظائف التي تؤديها، فقد اقتصرت وظائفها في البداية على تمويل وظائف الدولة الثلاث، وهي الدفاع والأمن والقضاء، وكان ذلك متلائماً مع فكرة الدولة الحارسة ، التي لا تتدخل في الاقتصاد. أما في القرن العشرين وخاصة منذ الأزمة الاقتصادية الكبرى في الثلاثينيات فقد تطورت وظائف المالية تطوراً واسعاً يتلاءم مع فكرة الدولة المتدخلة في الاقتصاد.
أولاً: وظيفة الضمان الاجتماعي ، ويظهر في هذه الوظيفة العناصر التالية :
1)ضمان حد أدنى من الدخل للذين عجزوا بوسائلهم الخاصة من حيث العمل والملكية عن توفير هذا الحد. وتظهر في
أ- أصحاب الحاجة من الفقراء والمساكين . وبالنسبة لهذه المجموعة يعمل الإسلام على توفير حد أدنى من الدخول لهذا النوع من أصحاب الحاجة .
ب-  أصحاب الحاجة بسبب الرق ( عندما كان قائما ) ، ومن الفقهاء المحدثين من يرى أن سهم (( في الرقاب )) يمكن أن يصرف لأسرى المسلمين ، كما يمكن صرفه للأقليات الإسلامية ، التي تقع تحت حصار الأغلبية غير المسلمة ، التي تعيش معها .
جـ- الغارمون ومنهم الذين استدانوا لإصلاح ذات البين، فيعطون في إطار النظام المالي الإسلامي تشجيعاً لهذا النوع من الأعمال، الذي يحفظ الوئام للمجتمع الإسلامي.
د- مجموعة من العناصر الأخرى تظهر في هذه الحقيقة، ومنها الإعانة على التعليم، والإعانة على الزواج، وغير ذلك من الأعمال ذات الطابع الاجتماعي. ويمكن الوقوف على تفصيل ذلك بدراسة حالة المجتمع الإسلامي في عهد عمر بن عبد العزيز ، عندما جمعت الزكاة ولم يوجد مستحقين لها فوجهها عمر إلى إنفاقات جديدة .
2- يتضمن أداء هذه الوظيفة إحداث نوع من التوازن الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الإسلامي.
3- تمد مظلة التأمين في هذه الوظيفة فتشمل غير المسلمين، الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية.
4- هذه هي الوظيفة الأولى للمالية الإسلامية ، والوظيفة التي تناظرها في المالية العامة ، هي وظيفة إعادة التوزيع ، ويتبين من مقارنة الوظيفتين أن الأداء الاجتماعي للوظيفة الإسلامية أكفأ ، وذلك من حيث العناصر التي تشملها ، إذ أنها تتضمن عناصر ليس لها نظير في المالية العامة ، في الاقتصاد الوضعي .
وتظهر كفاءة الوظيفة الإسلامية في الضمان الاجتماعي أيضاً من حيث إن مرتكزها يتحدد في علاج الحاجة ، بينما نظيرها في المالية العامة ، يدور حول فكرة إعادة توزيع الدخل والثروة ، وهي فكرة مرتبطة بالصراع كما أنها تتضمن الاعتداء على الملكية الخاصة .
ثانيا: وظيفة المصالح العامة : ويدخل في هذه الوظيفة كل ما يكون ضرورياً للمجتمع الإسلامي ، ومن ذلك ما يلزم للدفاع والأمن ، ويدخل أيضاً ما يلزم للتنمية ، إذا كان المجتمع الإسلامي في حالة تخلف .
ثالثا: وظيفة مواجهة الحالات الطارئة وغير العادية مثل المجاعات والحروب وغير ذلك مما ذكره الفقهاء . وتمول هذه الوظيفة في النظام المالي الإسلامي ، بما يكون موجوداً في بيت المال ، فإذا لم يكن به فللحاكم أن يوظف على الأغنياء بقدر ما يزيل الحاجة التي وظف لها ( التوظيف تناظره الضرائب في المالية العامة ) .
رابعا:  وظيفة تحقيق التوازن والاستقرار بين أجيال الأمة الإسلامية . ومن الموارد التي استخدمت لأداء هذه الوظيفة أرض السواد ، وهو ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وكان من أقواله في ذلك : إذا وزعت هذه الأرض فماذا يبقى لمن يجيء بعدكم .
خامسا: وظيفة تخصيص الموارد الاقتصادية ؛ وهي وظيفة تبحث في توزيع الموارد الاقتصادية المتاحة في المجتمع على الأنشطة الاقتصادية ، التي تلزم له ، كما يدخل فيها أيضا توزيع الموارد بين القطاعين العام والخاص . وهذه الوظيفة ، عمل الإسلام على تأديتها بواسطة الأموال التي تمتلكها الدولة ، ومنها- :أرضى الحمى.     -  الأرض المفتوحة المناجم والمعادن .
- المرافق الأساسية الضرورية للمجتمع ، والتي يشير إليها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (( الناس شركاء في ثلاثة ـ الماء والكلأ والنار.
وعند المقابلة بين هذه الوظيفة في النظام المالي الإسلامي ،وفي المالية العامة ، يتبين أن أداءها في الإسلام أكفأ لأن الدولة تؤديها من خلال ملكيتها ، بينما في المالية العامة في النظام الرأسمالي تحاول الدولة تأديتها بالتدخل في الأثمان ، وهذا النوع من التدخل قد يحقق هذه الوظيفة ، كما أنه قد لا يحققها .

لقد ارتضى المولى- عز وجل- للأمة الاسلامية الدين الإسلامي وأتم نعمته عليها بهذا الدين الحنيف،
فشرع القواعد ، والمبادئ العامة التي تسير على هداها البشرية، و ان التزام هاته الامة بدينها في كل جوانب الحياة خاصة بالنظام المالي الاسلامي هو طريقها لتحقيق التطور. خاصة أن هذا النظام قد سبق الأنظمة الوضعية بشوط كبير لما يتميز به من قدرة على حل المشاكل و المرونة مع ثبات القيم المستمدة من الشريعة الاسلامية و التي تبعث في الأفراد روح المسؤولية و الولاء و الإخلاص في تطبيقه، و جهلنا هو ما جعلنا نتخلى على ها النظام. لذا لابد لنا من مراجعة مواقفنا خصوصا في ضل ما نتخبط به من مشاكل بسبب الأنظمة الوضعية.
فالنظام الاسلامي يتميز بتنوع موارد و رشاد انفاقه لذا أصبح من اللزام تطبيق النظام الاسلامي عامة و في الجانب المالي خاصة للنهوض بالدولة الإسلامية و النجاح في تعبئة الموارد لتحقيق التنمية

06‏/06‏/2016

قراءة و تحميل ديوان ابن زيدون


 ديوان ابن زيدون


قراءة و تحميل ديوان تأبط شرا


 ديوان تأبط شرا



للتحميل من هنا


قراء و تحميل كتاب حياتي لأحمد أمين

 

كتاب حياتي لأحمد أمين