26‏/06‏/2016

المحاضرة الحادى عشرة -11- مخل الى علم الاقتصاد


المحاضرة الحادى عشرة -11- مخل الى علم الاقتصاد



الفرع الثالث :
تفاؤلية جان باتيست ساي
أشهر كتبه كان بعنوان : دراسات في الاقتصاد السياسي
المبحث الأول:
نظرية التوزيع
يعتبر ساي نفسه امتداداً لآدم سميث برغم أنه في الحقيقة يهدم نهائياً فكر آدم سميث و يتضح ذلك من مجمل أفكاره حيث ينطلق من فكرة أن الإنتاج يتم بفضل عوامل ثلاثة :                      العمل و رأس المال و العوامل الطبيعية التي تتضمن الأرض و أن الدخول المولدة من تلك العوامل الثلاثة هي : الأجور و الأرباح و الريع و تتحدد قيمة كل منها في السوق حسب العرض و الطلب .
لفهم نظام ساي يجب فهم نظريته في القيمة حيث يعتقد أن قيمة البضائع تتألف من المواد الأولية و الأرباح و الأجور المدفوعة من أجل انتاجها .
أي ان قيمة البضاعة تراوحت عنده بين تكاليف انتاجها و منفعتها .
و يعتقد أن أجر العمل و ربح رأس المال و أجرة الأرض تتحدد بشكل منفصل كل عن الآخر و إن قيم البضائع تتحدد بجمع الأنواع الثلاثة من الإنفاق .
و الحقيقة أن هذا التحليل يتميز بالسذاجة لأنه يهمل حقيقة واضحة و هي أن الملاك العقاريين و الرأسماليين و العمال يأخذون مخصصاتهم من مجموع الإنتاج أي أن ما يأخذه كل منهم لا يمكن أن يتم بمعزل عما يأخذه الآخرون .
و يمكن أن نشير إلى الملاحظات الآتية :
1 )) إن نظام ساي و أتباعه لم يطرح كيف يتم تحديد الأجور عن طريق التوازن بين العرض و الطلب . ولا سيما أن آلية السوق لا تستطيع التخلص من البطالة ولا تضمن الاستخدام الكامل للمعدات الرأسمالية .
2 )) أما عن الأرباح فإنه من السذاجة أيضاً الاعتقاد بأن الربح هو سعر خدمات رأس المال و أنه يتحدد بقانون العرض و الطلب و ذلك لأن رأس المال لا يطلب و إنما يدخل في حوزة أصحاب المشاريع و بنفس الوقت سوق رأس المال تهم فقط عمليات الإقراض و يكون السعر حينذاك هو سعر الفائدة وليس سعر الربح .
3 )) اتباع ساي فيما بعد افترضوا أن أي رأس مال مستثمر في المشاريع هو بالضرورة رأس مال مستقرض و لذا فإنهم خلطوا بين ربح رأس المال و فائدة رأس المال و هذا مخالف بالتأكيد للحقيقة.
فالجزء الأكبر من رؤوس الأموال المستثمرة في المشاريع هو دائماً ملكية لأصحاب المشاريع أنفسهم .
المبحث الثاني:
التخلي عن مفهوم العمل المنتج و العمل غير المنتج
                                                                                                                                
يرفض ساي التمييز المقدم من قبل سميث بين عمل منتج و عمل غير منتج و لا يعتبر العمل المنتج حصراً العمل الهادف إلى صنع جسم مادي و يقول أن هناك منتجات غير مادية يمكن تبادلها مثل "صناعة الطب" حسب تعبير ساي .
إن ملاحظة ساي حول "صناعة الطب" صحيحة .
يدعم ساي بأن كل من يبادل خدمة معينة مقابل أجر معين يعتبر منتجاً و لذلك فإن العسكريين و الموظفين الإداريين في نظره منتجون .
و هو يعتقد أن الموظفين و العسكريين منتجون وليس بسبب كون النفقات العامة التي يكلفوها تعود من جديد إلى المجتمع و إنما بسبب الأمن و الخدمات التي يقدموها . لكنه يميز بين بضائع دائمة و بضائع تستهلك بسرعة .
في الحقيقة ساي حطم كل المقاييس التي تسمح بالتمييز بين الإنتاج و بين الخدمات الإدارية في مجتمع ما .
المبحث الثالث :
قانون المنافذ
شرح قانون المنافذ :
تعود إلى قانون المنافذ شهرة ساي فقد بلغ بهذا القانون قمة تفاؤله و ذلك حين اعتقد أن الأزمات التي قد يمر بها الاقتصاد العالمي ستزول من تلقاء نفسها بفضل قانون مفاده أن كل إنتاج عندما ينتهي صنعه و عند طرحه في السوق سوف يشكل منفذاً إلى منتج آخر .
أي إن المنتج حين خلقه لسلعة ما يفتح امكانية شراء سلعة أُخرى مقابلة للسلعة التي أنتجها وهذا يعني أن السلعة هي نفسها قوة شرائية  و لذا فهذه القوة الشرائية تتوقف على مقدار الإنتاج و إن النقد الذي يؤخذ عوضاً عنها ليس له مهمة سوى إطالة الزمن بين بيع السلعة الأولى و شراء السلعة الثانية .
و بناءً على ذلك فإن ساي لا يعتقد بالمخاوف من حدوث أزمات فيض الإنتاج لأن نظام الحرية الاقتصادية الذي يحدده الربح يكفي لتوجيه المنتجين نحو المنتجات المطلوبة في السوق و التي هي تعبير عن حاجة المستهلكين و قد يكون هناك كساد مؤقت في المنتجات ناتج عن عدم وجود منتجات عند المستهلكين يبادلونها مع منتجات أُخرى هم بحاجة إليها .
نقد قانون المنافذ :
1 )) يهمل ساي في الحقيقة ظاهرة معروفة وهي ظاهرة الميل إلى الإكتناز التي تعني أن الفرد أو المنتج – و إن كان يبحث إلى التخلص بأسرع ما يمكن من البضاعة التي بين يديه – فإنه من غير المؤكد سعيه إلى التخلص بالسرعة نفسها من النقد الذي سيصبح بين يديه , بل على العكس من ذلك تماماً فإنه يسعى في بعض الأحيان لتخزين النقد الذي بين يديه بانتظار فرصة جديدة أفضل لاستخدام ذلك النقد .
2 )) و النقد الآخر هو أن ساي لا يرى كيف أنه حتى في الحالة التي لا يكون فيها هناك ميل إلى الاكتناز لا يمكن معرفة كيف يستطيع بعض المنتجين أن يأخذوا المبادرات الأولى لتطورير انتاجهم.
الفرع الرابع:
شمولية تحليل ريكاردو
أشهر كتبه "أسس الاقتصاد السياسي و الضرائب" و هو المؤلف الذي جعل ريكاردو أكبر اسم بعد اسم آدم سميث .
يختلف فكر ريكاردو كثيراً عن آدم سميث حيث كان ريكاردو أقل تفاؤلاً و ثقافة و أكثر "دوغمائية" و تقنيةً و تجريداً .
أشهر أعمال ريكاردو هي نظرياته في القيمة و في التوزيع وفي التجارة الخارجية .

المبحث الأول:
نظرية القيمة
و بالرغم من أن ريكاردو مثل سميث يبحث عن شروط النمو الاقتصادي فإنه يرى ضرورة تحليل آلية تشكل أسعار المنتجات قبل ذلك .
إذا جردنا العملية الانتاجية للريع العقاري فسيكون الربح هو الفرق بين سعر البيع و سعر التكلفة . على المستوى الوطني فإن سعر تكلفة الإنتاج هو الأجور . أي أنه من أجل شرح الأرباح يجب معرفة :
 القوانين التي تحدد الأجور .Œ
 القوانين التي تحدد أسعار البضائع .
حيث يرى أن قيمة البضائع تحدد بكمية العمل الضروري لإنتاج البضاعة و يؤكد أن هذا القانون يلاءم ليس فقط المجتمع البدائي كما يرى سميث و إنما أيضاً مجتمعنا في الوقت الحاضر .
و يميز ريكاردو على هذا الأساس بين الثروة و القيمة حيث يقول عن الثروة أنها الأشياء الضرورية و المفيدة و الممتعة أما القيمة فهي لا تتبع للوفرة و إنما لصعوبة أو لسهولة إنتاجها و هذه القيمة ذات نوعين :
 قيمة استعمالية تتحدد بالمنفعة .Œ
 قيمة تبادلية تتحدد بالعمل المبذول في انتاج السلعة .  
و يهتم ريكاردو بشكل أساسي بـ القيمة التبادلية .
شروحات ريكاردو حول القيمة كانت صحيحة إلى حد كبير وهي تتلخص في محاولة ربطه للتغيرات الطويلة الأمد في الأسعار مع تغيرات انتاجية العمل في وطن ما أو في صناعة ما و انتاجية العمل  في "صناعة الذهب" .
نظرية القيمة عند ريكاردو ليست بسيطة أو عاجزة أمام نقد الآخرين لذا يأخد ريكاردو على نفسه مهمة توضيحها و الدفاع عنها  إذ يقول ذلك :
1 )) إن تكلفة العمل لا تبين قيمة البضاعة إلا إذا كان الإنسان يستطيع إعادة إنتاج تلك البضاعة بشكل غير محدود . على هذا الأساس فإن قيمة لوحة فنية لا يمكن قياسها بالعمل المبذول في صنعها .
2 )) يبين ريكاردو أن العمل الفردي لإنتاج سلعة ما يتضمن كذلك العمل اللازم لصنع الآلات و المعدات لعملية إنتاج تلك السلعة .
3 )) أرباح رأس المال تشكل جزءاً من أسعار البضائع لذلك فإنه عندما يتم عزل الريع العقاري فإن السعر يتكون من الأجور التي تتناسب مع تكلفة العمل ومن الأرباح التي تتناسب مع كمية رأس المال اللازم للانتاج .
هذا يعني أن سعر بضاعة ما ليس فقط تكلفة العمل المبذول في إنتاجها و كمية رأس المال المحددة كذلك على أساس العمل .
مهما يكن فإن ادخال رأس المال كعنصر محدد مع العمل في قيمة العمل مناقض لقانون القيمة التبادلية نفسه الذي يدافع عنه ريكاردو .
المبحث الثاني :
نظرية التوزيع
تعتبر نظرية توزيع الدخول النظرية الأكثر أصالة و تأثيراً في كتابات ريكاردو و تستند هذه النظرية بشكل أساسي على تقسيم الدخول على ثلاثة أنواع هي :
ريع الملاك العقاريين و أجور العمال و أرباح الرأسماليين .
و يحدد ريكاردو في هذا المجال ثلاثة قوانين :
_ تزايد الريع العقاري من الزمن .
_ هبوط بطئ الأجور الاسمية رغم أن الأجور الحقيقية تبقى ثابتة في مستو منخفض محدد بواسطة الحد الأدنى اللازم لمعيشة الإنسان و تكاثره .
_ هبوط نسبة أرباح الرأسماليين .
أولاً :نظرية ريكاردو في الريع :
يستند ريكاردو في نظريته للريع بشكل أساسي إلى نظريته في القيمة أي أنه يبجث عن تحديد للريع بواسطة العمل المبذول في انتاج منتج ما .
شرح نظرية ريكاردو في الريع :
السعر الطبيعي لمنتج ما يساوي تكلفته الحدية (تكلفة آخر وحدة منتجة منه) و الريع ليس بعيداً عن ذلك لأنه يتعلق بالتكلفة الحدية .
في الحقيقة ينطلق ريكاردو من القول إن السكان في تزايد تماماً كما يعتقد مالتوس و بالتالي فإن الحاجات المادية في تزايد أيضاً و خصوصاً منتجات الأرض .
الإنتاج و بشكل خاص الإنتاج الزراعي لا يمكن أن يزداد بشكل متناسب مع كمية العمل المبذولة في الأراضي المزروعة , أي أن قانون المردود المتناقص , أو قانون المردود غير المتناسب يطرح نفسه , فمن أجل زيادة الإنتاج الزراعي يجب زراعة أراض جديدة لم تكن مزروعة سابقاً و ستكون هذه الأراضي حكماً أقل خصوبة و لهذا السبب فإن المنتجات الزراعية المنتجة ذات تكلفة تبعاً للأرض التي تنتجها و انطلاقاً من حتمية وحدة الأسعار هذا السعر الموحد يكون حكماً محدداً بالتكلفة في الأراضي الأقل خصوبة .
لذلك فإن زيادة السكان و تزايد حاجاتهم من المنتجات الزراعية تزيد من أسعار تلك المنتجات و بالنسبة للمستثمرين تولد هذه الحالة أرباحاً مختلفة تبعاً لخصوبة الأراضي التي يستثمرها فإذا كانت الأراضي خصبة فإن تكلفة انتاج المحاصيل الزراعية أي تكلفة العمل تكون منخفضة بعكس الحال إذا كانت الأراضي أقل خصوبة فإن تكلفة إنتاج المحاصيل الزراعية سوف تزداد نتيجة زيادة العمل المبذول فيها و الناتج قلة الخصوبة و هذا يعني أن أرباح المستثمرين ليست واحدة و هناك دائما ربح تفاضلي .
أي أن ريع الأرض في تزايد مستمر و يختلف حسب خصوبة الأرض و لذا يسمى ب "الريع التفاضلي"
كما أن الأرض نفسها تتمتع بخاصة استمرار و زيادة قيمتها لأن عدد السكان ينزع دوماً إلى التفوق على مجموع ما تقدمه الأرض المزروعة من غذاء حسب رأي مالتوس و ريكاردو .
و يرفض ريكاردو ادخال الريع ضمن عناصر الإنتاج و على هذا الأساس يفسر الريع بـأنه نتيجة لارتفاع أسعار المنتجات الغذائية الناتج عن زيادة مقدار العمل اللازم للإنتاج .
كما يشير ريكاردو إلى "قانون المردود غير المتناسب" أو "قانون الغلة المتناقصة" أو "قانون الريع المتناقص" و مفاد هذا القانون أن أي زيادة في رأس المال و في العمل المبذول في زراعة أرض ما تؤدي حتماً إلى زيادة مقابلة في غلة الأرض لكن نسبة زيادة الغلة لا تعادل نسبة زيادة رأس المال بل تكون حتماً أقل منها . كما أن إمكانية زيادة المحصول في أراض معينة ممكن في حد ما فقط .
زيادة الاستثمار في أراض معينة تعطي في البداية زيادة في الإنتاج تفوق الزيادة في الاستثمار لكن زيادة الانتاج سوف تبدأ في التناقص حتى تصبح أقل من نسبة زيادة الاستثمار إلى أن نصل على حد لا تعطي فيه زيادة رأس المال و زيادة العمل أي زيادة في الإنتاج .
خصائص الريع في نظرية ريكاردو :
1 )) التزاماً بنظرية القيمة التي تعتبر أن العمل مصدر القيمة و مقياسها ينظر إلى الريع أو إلى أجرة الأرض على أنه تكلفة زيادة كمية العمل المبذول في إنتاج وحدات جديدة سواءً أكانت في أراض أقل خصوبة من الأراضي التي كانت مزروعة مع زيادة كمية العمل المبذول من أجل الحصول على نفس كمية الإنتاج .
2 )) يتحدد سعر بيع المنتجات الزراعية , و هو السعر الذي يحدد فيما بعد مقدار الريع تبعاً لمقدار العمل المبذول في إنتاج الوحدات التي أنتجت في أصعب الظروف و يكون سعر المنتجات واحداً في السوق وهو دائما السعر الأعلى أو تكلفة الإنتاج آخر وحدة و بالطبع يكون السعر واحداً نتيجة المنافسة التي تسعى إلى البيع بأقل الأسعار شريط ألا يقل عن تكلفة لإنتاج آخر وحدة .
3 )) لا يدخل ريكاردو الريع كعنصر من عناصر الإنتاج يرى أن الريع هو نتيجة لارتفاع الأسعار ليس سبباً في ارتفاع الأسعار و إن ارتفاع الأسعار انسجاماً مع نظرية القيمة و هو نتيجة عمل إضافي .
4 )) نظريته في التجارة الخارجية المنسجمة تماماً مع نظريته في الريع حيث يرى ضرورة اللجوء إلى الاستيراد بدلاً من استثمار أراض جديدة إذا كانت أسعار المنتجات المستوردة مضافاً إليها أجور النقل أقل من التكلفة الإضافية في كمية العمل الضرورية لاستثمار الأراضي الجديدة .
5 )) تشكك نظريته في الريع في حق المالك في الحصول على الريع لأن ريكاردو يحاول أن يسند هذا الريع إلى العمل المبذول في إنتاج الوحدات الإضافية تارةً و إلى ارتفاع أسعار المحاصيل تارة أُخرى .
6 )) من أجل الوصول إلى الموضوعية و عدم الوقوع في التناقض يأخذ ريكاردو بقانون المردود غير المتناسب من أجل تفسير الريع الذي يحصل عليه المالك نتيجة زيادة كمية العمل المبذولة في نفس الأرض .
انتهت المحاضرة الحادية عشر

0 التعليقات: