المحاضرة الثامنة -8- مخل الى علم الاقتصاد
ثالثاً :
كانتيون :
يعد ثالث رواد
المدرسة الكلاسيكية البرجوازية و له كتاب بعنوان :
" عن طبيعة
التجارة بشكل عام" .
أهم أعماله التي تبحث في طبيعة
الثروة و القيمة و التوزيع :
أ – بالنسبة للثروة
: فيحددها في ثلاثة أشكال : الغذاء و الرفاهية ومتع الحياة , و يعتقد أن مصدرها هو
الأرض و العمل . وعاد إى أفكار المركانتيليين في أن ثروة الدولة كمية الذهب و
الفضة التي بحوزتها .
بـ ـ بالنسبة
للقيمة : فلا يعتقد أن هنالك قوانين طبيعية تحدد أسعار البضائع , إذ أن السعر
يتحدد بالعوامل الطبيعية . و يميز بين "القيمة الباطنية" أي المستمدة من
الطبيعة الخاصة للشيء نفسه و "سعر السوق" .
القيمة الباطنية
تتحدد بتكلفة الإنتاج (أرض و عمل) مع التركيز على الأرض .
جـ - بالنسبة
لتوزيع الدخول فيميز بين نوعين من الأفراد : أفراد يحصلون على دخل ثابت (ريع
الملكية , فائدة رأس المال , أجرة العمال) و أفراد يحصلون على دخل غير ثابت
(المقاولون : من يتحملون مخاطر الإنتاج).
لم يعتبر رأس المال
عاملاً من عوامل الإنتاج و إنما هو بضاعة يخضع تحديد السعر فيها إلى قوانين طبيعية
ولا يمكن أن يتحدد عن طريق السلطة .
و يُعتبر آخر
الاقتصاديين الكبار الذين سبقوا الكلاسيك .
الفصل الثاني
كه نه
و الفيزوقراطيين
مؤسس المدرسة
الفيزوقراطية طبيب فرنسي يدعى *فرانسوا كه نه* .
من أهم كتبه
"اللوحة الاقتصادية" و "الحقوق الطبيعية" .
وسوف نرى كيف أن
فرانسوا كه نه و أتباعه يشكلون مدرسة فكرية واحدة , و كذلك فإن علينا أن نشير منذ
البداية إلى أننا ندرس الفيزوقراطيين ضمن تاريخ الفكر الاقتصادي لثلاثة أسباب :
1 )) لأنهم بحثوا
عن الفعالية الاقتصادية التي تسبب ثراء الوطن . و عندهم الزراعة ليست أكثر انتاجية
فقط من الصناعة و التجارة , و إنما هي النشاط الاقتصادي الوحيد الذي يشكل المنتج
الصافي .
2 )) أول من تساءل
حول التشريعات الاقتصادية التي تخدم الوطن .
3 )) أول من حلل
الفعاليات الاقتصادية كتدفق مستمر للدخول التي تمر من طبقة إلى طبقة اجتماعية إلى
أُخرى و إمكانية تمثيل هذه التدفقات بلوحة اقتصادية .
الفرع الأول :
الأفكار الاقتصادية
للفيزوقراطيين
المبحث الأول :
نظرية
المنتج الصافي
الاقتصادي كه نه
يرى أن النقود ليست سوى ثروة عقيمة ولا يمكن أن تخلق دخلاً إلا بالبضائع التي
تنتجها .
و يرى أن هناك
قطاعاً اقتصادياً واحداً قادر على خلق الثروة بشكل لا محدود و هذا القطاع هو الزراعة
. بينما القطاعات الأُخرى فهي غير قادرة على إعطاء أي قيمة سوى العمل المبذول فيها
. بينما الزراعة قادرة على إعطاء الإنسان كميات من الثروة تفوق ما يبذله فيها من
بذار و عمل .
أي إن الزراعة تعطي
منتجاً صافياً إي منتجات أكثر مما يجب لإعادة الإنتاج .
إن نظرية
الفيزوقراطيين في النتج الصافي بالزراعة غير مقبولة نهائياً في عصرنا الحاضر , لأن
المنتجات الزراعية ليست وحدها التي يمكن أن تشبع حاجة إنسانية .
وليس صحيحاً أن
هناك تكاثر في الثروة ناتج عن الزراعة فقط , ولا يوجد مثل ذلك التكاثر في باقي
القطاعات .
كما أن هناك خلق
للمنفعة في كافة السلع سواء كانت زراعية أم صناعية .
الخلاصة : نظرية
الفيزوقراطيين في المنتج الصافي هي الجانب الإقل علمية في فكرهم .
المبحث الثاني :
نظرية
دوران الثروةأو (اللوحة الاقتصادية)
من أجل معرفة كيفية
توزيع المنتج الصافي يقسم كه نه المجتمع إلى ثلاث طبقات :
أ ) الطبقة المنتجة
و تشمل المزارعين .
ب ) طبقة الملاك
العقاريين .
ج ) الطبقة العقيمة
و تشمل الأفراد العاملين بأجرو لحسابهم الخاص في القطاعين الصناعي و التجاري .
وهذا التصنيف برأيه حسب الدور الذي تلعبه كل دورة في عملية الإنتاج و ليس حسب ما
يراه لازماً لكل طبقة .
يفترض لشرح لوحته
الاقتصادية وجود قطاع زراعي (هو الوحيد المنتج) يعطي دخلاً مقداره خمس ملايين ,
يحتفظ المزارعون بمليونين من أجل تأمين معيشتهم و تأمين إعادة الإنتاج , ويقومون
بإعطاء مليون إلى الطبقة العقيمة مقابل مشترياتهم (ألبسة , سكن , ... إلخ)
ومليونين إلى الملاك العقاريين إجرة الأرض التي يستعملونها .
أصبح لدى طبقة
الملاك العقاريين مليونين تدفع مليون إلى الطبقة المنتجة مقابل المنتجات الزراعية
التي يستهلكونها و المليون الآخر تدفعه إلى الطبقة العقيمة ثمن مشتريات منها .
يصبح لدى الطبقة
العقيمة مليونين واحد من الطبقة المنتجة و الآخر من طبقة الملاك العقاريين , تدفع
مليون إلى الطبقة المنتجة مقابل المنتجات الزراعية التي تستهلكها و تدفع المليون
الآخر ثمن مواد أولية لازمة للصناعة للطبقة المنتجة أيضاً .
و هكذا تعود
الملايين الخمسة التي أنتجتها الطبقة المنتجة إلى تلك الطبقة لتتوزع من جديد بنفس
الطريقة في السنة القادمة .
أي أن اللوحة
الاقتصادية تبين تدفق الدخول داخل "الجسم الإجتماعي" مثل دوران الدم في
جسم الانسان .
مزايا و إيجابيات اللوحة الاقتصادية هي :
1 )) أدركت مفهوم
رأس المال و انطلقت منه من أجل إعادة الإنتاج , حيث أبقت جزءاً منه عند الطبقة
المنتجة لإعادة الإنتاج و أدركت أهمية رأس المال للعام القادم .
2 )) أدركت مفهوم
الزمن في الإقتصاد , حيث تبين أن العملية الانتاجية تستغرق عاماً كاملاً .
3 )) أنها واقعية ,
فقد فرقت بين زمن ولادة الأرباح و زمن إعادة استعمال تلك الأرباح .
نواقض أو سلبيات اللوحة الاقتصادية هي :
1 )) الخطأ الذي ارتكبه
كه نه هو تخيله أن مشتريات المزارعين من الطبقة العقيمة يمكن أن تتم برغم أن الطبقة
المنتجة لا تملك بعد السيولة النقدية , لذا فإن مصروفاتها لا يمكن أن تتم إلا على
شكل عيني و في الحقيقة إن تلك المشتريات دفعة من الأموال التي حصلت عليها الطبقة
المنتجة في العام السابق .
2 )) الخطأ الآخر
هو أن اللوحة الاقتصادية اعتبرت أن الصناعة عقيمة .
3 )) أما آخر خطأ هو
أن اللوحة الاقتصادية لم تظهر مفهوم ربح رأس المال , و كيف لا يشغل فيها الملاك
العقاريون أموالهم , و كذلك لا يظهر مقدار ربح الطبقة المنتجة ولا ربح الطبقة
العقيمة.
قدَّم كه نه في
كتبه "المزارعون" و "الحبوب" مساهمات كبيرة للمدرسة
الكلاسيكية فهو يُعتبر أول من عَرِف أن الأجر يجب أن يعادل ما يحتاجه العامل من
أجل بقاءه .
المبحث الثالث :
النظام
الطبيعي
يقصد الفيزوقراطيون
بالنظام الطبيعي النظام المناقض للنظام الاجتماعي الإداري و يصفه لوميرسيه
دولا بأنه :
" النظام الذي لا تستطيع المجتمعات
الانسانية إلا الأخذ به وهي تسعى لتحقيق مصالحها الحقيقية ".
و يعتقد
الفيزوقراطيون أن تحقيقه يفترض وجود الملكية بأشكالها الثلاثة :
1 )) الملكية
الشخصية : أي حقوق الانسان في أن يمتلك بإرادته الشخصية جميع إمكانياته الفيزيائية
و الذهنية أي حقه في الحرية .
2 )) ملكية الأموال
المنقولة : أي حق الانسان بامتلاك ثمار عمله .
3 )) الملكية
العقارية : و يقصد بها بشكل أساسي ملكية الأرض رغم أنها لم تخلق بواسطة الانسان.
هذه الحقوق تبين أن
النظام الطبيعي هو كل نظام يشجع الزراعة و يؤمن الأجر الكافي أو السعر الجيد (أي
السعر المرتفع قدر الإمكان) للمنتجات الزراعية .
و للوصول إلى ذلك فإن الفيزوقراطيون يدعون إلى :
أ \ حرية التجارة
الخارجية (حرية تصدير الحبوب).
بـ\ حرية التجارة
الداخلية .
جـ\ أسعار مرتفعة
قدر الإمكان شريطة أن يستطيع الأفراد شراء أكثر ما يمكن من الحبوب .
د\ تخفيض سعر
الفائدة بحيث يكون دخل النقود أقل من الدخل الذي يمكن الحصول عليه من الأرض .
كما يقف
الفيزوقراطيون موقفاً معادياً من زيادة الإدخار لاعتقادهم بأن ذلك يمكن أن يقلل من
تصريف المنتجات الزراعية .
المزارعون هم وحدهم
القادرون على إعطاء المنتج الصافي , لذلك فالضرائب ستدفع في كل الأحوال منهم سواء
أكان ذلك بصورة مباشرة أي بضريبة مباشرة على الأرض أم بصورة غير مباشرة عن طريق
الطبقتين الأخريين .
يمكننا ايجاز
النظام الطبيعي بأنه :
# نظام أساسي :
تخضع له جميع المجتمعات التي تريد تحقيق مصالحها .
# نطام أجدته
العناية الإلهية لسعادة البشر , و يعتبر هذا الطرح محاولة من قبل الفيزوقراطيين
للملائمة بين النزعة الميتافيزيقية و النزعة العلمية .
# نظام لا يطبق
استناداً إلى النصوص الإلهية .
# نظام يتطلب سيادة
متمثلة بالملك من أجل تطبيقه و إزاله العقبات التي تعترض سبيله .
انتهت المحاضرة الثامنة
0 التعليقات: