المحاضرة السابعة -7- في مدخل الى علم الاقتصاد
المبحث الثالث :
تقييم
الأفكار و السياسات المركانتيلية
المركانتيلية لم تكن مدرسة فكرية , ولم تنظر هي نفسها إلى الاقتصاد كعلم .
لكن نزع صفة العلمية عن المركانتيلية لا يقلل من شأن الأفكار التي نادت بها . و
خصوصاً بعد إعادة الإهتمام و التقدير التي أولاها إياها كينز .
ولتقييم المركانتيلية على صعيد الفكر و السياسات الاقتصادية نورد النقاط
التالية :
1 )) على صعيد النظرية : لم يتوصل الفكر المركانتيلي إلى دراسة موضوعية
لمسألة القيمة , لذلك لم يعرف المركانتيليون وظيفة النقد كمقياس للقيمة .
2 )) على صعيد السياسة الاقتصادية : أدت السياسة التي تم اتباعها للحصول
على ميزان تجاري رابح إلى نتائج خطيرة أدت للتنافس و التناحر بين الدول و إقامة
الحواجز الجمركية و فرض ضرائب على المستوردات الأجنبية .
3 )) على صعيد المنافسة العالمية : السياسة التي اتبعتها فرنسا من أجل
تخفيض سعر القمح و تخفيض إجرة اليد العاملة من أجل تخفيض تكاليف الإنتاج و بالتالي
زيادة الصادرات و الوصول إلى ميزان تجاري رابح , أدت إلى افقار الفلاحين و إهمال
الزراعة .
4 )) إن تأكيد المركانتيليين على اعتبار النقد مستودعاً للقيمة و سعيهم
للحصول على أكبر ما يمكن من المعادن الثمينة أدى إلى ارتفاع الأسعار في الداخل .
5 )) عندما انتقلت الأفكار النقدية المركانتيلية التي تعتمد على الذهب و
الفضة إلى النقد الورقي الذي أصدرة
الصيرفي الاسكوتلندي *جان لو* في فرنسا أدى إلى تضخم نقدي كبير و بداية انهيار
النظام النقدي المركانتيلي .
6 )) المركانتيلية تمثل بداية مرحلة التراكم الرأسمالي على الصعيد العالمي
و ذلك بسبب :
أ – زيادة الأسعار الناتجة عن تدفق الذهب و الفضة إلى أوربا .
بـ - تشجيع الصناعة و التمركز الرأسمالي الذي اعتمدته المركانتيلية
الفرنسية من أجل الحصول على ميزان تجاري رابح .
جـ - نمو التجارة الخارجية و ظهور مبدأ التبادل لصالح الأقوى اقتصادياً .
جملة هذه المعطيات تشير إلى اعتبار المركانتيلية مقدمة لنشوء البرجوازية و
بداية عصر الاستغلال على الصعيد العالمي .
7 )) تطورت المركانتيلية من الدعوة إلى سيطرة الدولة و دورها المهم إلى
الدعوة إلى القانون الطبيعي الذي يحكم الفعاليات نتيجة تدفق الذهب , كما اتجه
التفكير في نهاية المرحلة المركانتيلية إلى الاهتمام بالأفراد و ضرورة إعطاء
الحرية لهؤلاء الأفراد الذين يعرفون مصلحتهم أكثر مما تعرفها الدولة .
الباب الثاني
تشكل
علم الاقتصاد و نشوء مذهب الحرية الإقتصادية
الفصل الأول
الاعتقاد بالقوانين الطبيعية
بدأت مرحلة نشوء علم الاقتصاد حين اعتقد مفكرو القرن الثامن عشر أن هناك
تشابهاً بين جسم الانسان و الجسم الإجتماعي حتى أن *بيتي و كه نه* يتحدثان عن
" تشريح اجتماعي " و يحاولان دراسة دوران الدخل بين الطبقات الإجتماعية
عن طريق دراسة دوران الدم في الجسم .
أول الاقتصاديين الذين اعتقدوا بوجود القوانين الطبيعية هو الاقتصادي
*مونتسيكو* .
المبحث الأول :
القانون
الطبيعي قبل القرن الثامن عشر
تمتد أصول القانون الطبيعي عميقاً في التاريخ حتى أن أرسطو تحدث عن "
الطبيعي " و عنده يعني العادل .
ثم تطور مفهوم " الطبيعي " من كونه " عادلاً " إلى
" الملائم للصالح العام " و هذا ما نجده عند القديس *توما الأكويني* ,
إلا أن ذلك لم يشكل خطوة باتجاه عقلية علمية في تحليل الواقع .
يتلخص القانون الطبيعي لدى اقتصاديي ما قبل القرن الثامن عشر في عدم
امكانية وقوف التشريع ضد طبيعة الأشياء .
المبحث الثاني :
القانون
الطبيعي في القرن الثامن عشر
يعتقد أنصار القانون الطبيعي أن الإنسان حتى يكون سعيداً يجب تركه حراً , و
أن هذا القانون من عند الإله لسعادة الإنسان .
يعتقد الفلاسفة " الطبيعيون " أن الانسان الحقيقي انسان غير
مثالي من ناحية أو مهووس بالبحث عن منافعه الخاصة فقط من ناحية أُخرى .
تتميز كتابات الفيزوقراطيين بين الوصف و النصيحة , بين الحقيقة و المثالية
.
استمر التفكير حول القانون الطبيعي حتى القرن التاسع عشر تقريباً , ففي
فرنسا كان الهدف الرئيسي للفكر الاقتصادي هو دراسة أفضل التشريعات و القوانين
الاقتصادية .
أما في انكلترا فإن الذين تحدثوا عن القوانين الطبيعية كانوا يريدون منها
شرح العلاقات الفردية التي تربط الظواهر الاقتصادية .
هكذا نرى التفاؤلية الواضحة في الفكر الكلاسيكي بسبب الإيمان بالقوانين
الطبيعية التي تترجم بالحرية الإقتصادية .
المبحث الثالث :
القانون
الطبيعي عند رواد المدرسة الكلاسيكية
أولاً :
ويليام بيتي :
يعتقد بالقوانين الطبيعية و يقول أن هناك احتمالية و عمقاً للقوانين
المدنية ضد القوانين الطبيعية , وهذا ما دعاه إلى أول دفاع ضد تدخل الدولة في
الحياة العامة .
تضمنت أفكاره ثلاث نظريات تخص الإنتاج و التبادل و التوزيع :
أ – بالنسبة للإنتاج بيَّن أن عوامل الانتاج هي عاملا العمل و الأرض فقط و
يعتقد أن العمل هو أب الثروة أما الأرض فأمها . أما رأس المال فيضيفه إلى العمل و
يميز بين نوعين من العمل هما : العمل الحاضر و العمل الماضي و يعتبر رأس المال
كعمل متراكم .
و يرجح أهمية عنصر العمل على الأرض .
بـ - بالنسبة للتبادل فيعتقد أنه يخضع لقوانين طبيعية فالأسعار في تغيرها
ستعود عاجلاً أو آجلاً إلى مستواها الطبيعي و العامل الأكثر حسماً في تشكيل
الأسعار هو سعر تكاليف الإنتاج , و بين تلك التكاليف فإن (أجرة العمل) هو الأكثر
أهمية .
جـ - بالنسية للتوزيع ميَّز بين ثلاثة أنواع من الدخول وهي : ريع الملكية و
الفائدة و الأجر , و لم يتحدث إلا قليلاً عن الريع .
أما الفائدة فقد وقف موقفاً معادياً لتحديد نسبتها مبيناً أن ذلك (سعر)
ولذا فالدولة لا تنجح في تثبيت هذا السعر .
أما الاجور فيعتقد أنه يجب أن ترتفع حتى يعمل المأجورون بشكلٍ أفضل . و
لهذا السبب (أي المطالبة برفع أجور العمال) لقي إعجاب *كارل ماركس* الذي دعاه
" أب الاقتصاد السياسي " .
ثانياً :
كوندياك :
لا يوافق *كه نه* على اعتبار الزراعة النشاط الاقتصادي الوحيد المنتج , و
ذلك لأن الانتاج يمكن أن يكون عن طريق إعطاء شكل جديد للمادة و ليس بالضرورة خلق
المادة .
أهم أعماله : هي إدخاله علم النفس في الاقتصاد السياسي نظراً لدوره كدافع
اقتصادي عند البحث عن المنفعة الشخصية . وتقديمه لنظريه منسجمة في القيمة , فتوصل
إلى أن قيمة السلعة يمكن أن تتبع لعنصري المنفعة و الندرة .
أما فيما يتعلق بالتبادل , فإن كوندياك ينطلق من فكرة أن كل طرف يبادل
الفائض الذي يملكه فيما يحتاج إليه .
أما بالنسبة لنظريته في توزيع الدخول فيميز بين أربع أنواع من الحاصلين
عليها : فئة الرأسماليين , فئة العقاريين , فئة المقاولين , فئة العمال المأجورين
.
انتهت المحاضرة السابعة
0 التعليقات: