26‏/06‏/2016

المحاضرة الثالثة -13- في مخل الى علم الاقتصاد


المحاضرة الثالثة -13- في مخل الى علم الاقتصاد


أفكار المدرسة التقليدية الجديدة
النظرية الجديدة في القيمة و في توزيع الدخول

أولاً:ستايلي جيفونز (مدرسة كمبردج) :
يعتبر جيفونز أول الاقتصاديين الذين طرحوا موضوع القيمة كما هو عند المدرسة الكلاسيكية الحديثة .
كتابه "نظرية الاقتصاد السياسي"
لقد انطلق من تبيان أن العمل ليس السبب المحدد لقيمة منتج ما واستعمل من أجل إيضاح ذلك مثال صياد اللؤلؤ الذي يختلف العمل الذي يبذله في الحصول على حجرة اللؤلؤ فعندما يرفع من قاع البحر أحجاراً بدلاً من اللؤلؤ فإن عمله يذهب دون خلق أي قيمة أما عندما يبذل نفس العمل و يحصل على اللؤلؤ فإن القيمة التي حصل عليها من هذا العمل تكون قد اختلفت كثيراً عن السابق , و من المفروض أن قيمة اللؤلؤ تختلف حسب العمل المبذول في الحصول على اللؤلؤ لكن الواقع أن قيمة اللؤلؤ لا تتغير سواء حصل عليه الصياد من المرة الأولى أو بذل جهداً كبيراً في الحصول عليه .
ما يحدد قيمة السلعة في رأيه هو الدرجة النهائية لفائدتها أي حسب وضع المستهلك نفسه و ليس حسب العمل المبذول فيها .
أ \ النظرية الجديدة للقيمة و لتوزيع الدخول :
تتلخص نظرية ستانلي جيفونز في القيمة من أساس قيمة بضاعة ما هو منفعة هذه البضاعة لمستهلكها و لقد استخدم تعبير المتعة و العناء من أجل القول إن الحاجة لسلعة ما تقل تدريجياً مع إشباع تلك الحاجة أو الدرجة النهائية للمنفعة و يعني بها جيفونز منفعة آخر وحدة و لذلك فإن السعر ينخفض مع زيادة عدد الوحدات المنتجة .
إذاً إن تكاليف الانتاج تحدد العرض من الإنتاج الذي يحدد درجة المنفعة الأخيرة التي تحدد بدورها القيمة .
الأساس الرياضي "قانون نسبية المنفعة الحدية لأسعار المنتجات" .

Double vague:       المنفعة الحدية للسلعة أ \ سعر السلعة أ = المنفعة الحدية للسلعة ب \ سعر السلعة ب
و بالرغم من أن قانون المنفعة الحدية للسلعة بالنسبة لسعرها منسجم و صحيح في كثير من جوانبه إلا أنه يشكو من نواقص و عيوب عديدة تفوق العيوب التي يمكن توجيهها لنظرية القيمة – العمل و من هذه العيوب :
1 )) لقد افترض جيفونز أن أسعار البضائع محددة سلفاً و لم يعتمد القيمة في تحديد السعر .
إن قول جيفونز : بأن المنفعة لحدية تحدد التكاليف (العمل) و هذه الأخيرة تحدد العرض غير صحيح أيضاً لأن الطلب يلعب دوراً رئيسياً في تحديد كمية البضائع .
2 )) عدم إمكانية قياس المفاهيم البسيكولوجية كمياً أي عدم إمكانية قياس مفهوم المتعة و العناء .
3 )) قانون نسبية المنفعة الحدية للأسعار : يفترض أن الفرد يغير استهلاكه تبعاً لتبدل السعر بحيث يحقق دائماً أكبر متعة ممكنة لكن تغيير الأسعار بحيث تتغير نسبة المتعة على السعر يعتمد على اعتبارات أخلاقية و دينية و سياسية .
ب \ نظرية مردود الوحدة الأخيرة من رأس المال و آراء جيفونز حول توزيع الدخول :
تتلخص في القول إن وحدات رأس المال المستخدمة الواحدة بعد الأُخرى في مشروع ما تعطي مردوداً متناقصاً باستمرار بحيث يأخذ المردود شكل خط بياني متجة من الأعلى إلى الأسفل و من
اليسار إلى اليمين كما هو مبين في الشكل :                               المردود الحدي                             
                                        رأس المال

إن أي رأس مالي سوف يستخدم وحدات من رأس المال بحيث يكون مردود كل وحدة مساوياً أو أقل من فائدة تلك الوحدة أي أنه يجب أن يكون المردود الحدي لرأس المال مساوياً لنسبة الفائدة ويمكن القول استناداً لذلك إن نسبة الفائدة تتحدد بالمردود الهامشي (الحدي) لرأس المال .       
و مردود رأس المال أو نسبة الفائدة تتبع مستوى الأجور أو تتبع نسبة الأجور .
هذا يعني أن جيفونز لم يقدم شيئاً جديداً حول نظرية توزيع الدخول بين الرأسماليين و العمال . لأن ستانلي جيفونز كان أول الإقتصاديين الكلاسيكيين المحدثين .
ثانياً :كارل منجر (المدرسة النمساوية ) :
يعتبر منجر مؤسس "المدرسة البسيكولوجية النمساوية" و أطروحاته تنطلق من فكرة أن جميع الظواهر الاقتصادية هي ظواهر انسانية و تفسيرها لذلك لا يمكن أن يتم إلا على أساس البسيكولوجيا .
أهم ظاهرة اقتصادية هي قيمة البضائع التي لا يمكن تفسيرها إلا على أساس بسيكولوجي أي على أساس وجود مستهلك عقلاني في تصرفاته و يبحث دائماً عن إشباع حاجاته .
أ \ نظرية السلع الاقتصادية :
لا يعتبر في الاقتصاد شيئاً "سلعة" إلا إذا كان ثمة حاجة انسانية إليه . تبعاً للحاجات تقسم السلع إلى: * سلع اقتصادية - * سلع غير اقتصادية . . و لهذا السبب فإنه :
 لا يوجد سلعة بدون حاجة لها .ï
 لا يوجد حاجة دون وجود إمكانية تقنية لإشباعها .ï

كما يميز منجر بين نوعين من السلع : سلع من الدرجة الأولى (سلع مباشرة) وهي السلع التي تستطيع أن تشبع حاجة مباشرة مثل : الخبز , اللباس , الكتب ... إلخ و سلع من الدرجة الأعلى (سلع غير مباشرة ) و هي السلع التي تدخل في إنتاج السلع المباشرة مثل : الآلات , المواد الأولية ... إلخ .
لا تكون السلعة سلعة إقتصادية إلا عندما تكون نادرة أي أن الكمية الموجودة منها أقل من الحاجة إليها و على هذا الأساس فالهواء لا يمكن أن يكون سلعة .
هذا الرابط بين السلعة الاقتصادية و بين الندرة يبين أن العمل ليس المحدد لجعل السلعة الإقتصادية أو غير الإقتصادية و لذا فإن السلع المميزة بالندرة هي السلع الاقتصادية وهي بالتالي السلع التي يكون لها قيمة و هكذا وصل منجر في تحليله للسلع الاقتصادية و غير الاقتصادية إلى نظريته في القيمة .
ب \ نظرية القيمة :
يعتقد منجر أن قيمة سلعة ما عند الإنسان تتعلق بأهمية تلك السلعة لديه و لذلك فإن قيمة السلعة ليست كامنة فيها و إنما هي نتيجة علاقة بين السلعة و الإنسان كما أن القيمة لتلك السلعة تظهر جلياً عند التبادل و حسب أهمية السلعة عند الفرد الذي يسعى للحصول عليها أي إن لدى الأفراد تصنيفاً للسلع حسب منفعتها لديهم .
هذه الأطروحة عن ربط القيمة بالمنفعة تؤكد وجود قيمتين للسلعة قيمة استعمالية و قيمة تبادلية و أن القيمة الاستعمالية تختلف من شخص إلى آخر (مذكرات شخصية , صور تذكارية , ... إلخ لها قيمة استعمالية عالية و قيمة تبادلية منخفضة جداً ) كذلك فإن بعض السلع لا يكون لها إلا قيمة تبادلية (مثل السلع الموجودة بحوزة تاجر) .
لكن كيف تتحدد إذاً هاتان القيمتان : الاستعمالية و التبادلية ؟؟؟
1 )) بالنسبة للقيمة الاستعمالية : ينطلق منجر من حقيقتين : الأولى هي أن الحاجة تختلف من إنسان إلى آخر , الثانية هي أن الحاجة تقل تدريجياً تبعاً لإشباعها .
اعتمد منجر على هذين الأساسين في وضع لوحة سميت "لوحة منجر"
تشرح تلك اللوحة القيمة الاستعمالية لكل سلعة أي ترتيب الحاجات حسب طبيعة الإنسان أي الآلية البسيكولوجية .
و هكذا تحدد لوحة منجر المنفعة و بالتالي القيمة للسلع النهائية أما السلع غير النهائية فإنها تتحدد تبعاً للأولى أي بدرجة الخدمات التي تقدمها تلك السلع من أجل إنتاج السلع النهائية , هذا يعني أنها تتبع نفس القانون و هو منفعتها الحدية أو بمعنى آخر إنتاجيتها الحدية .
منفعة آخر وحدة من كل سلعة هي ما يسميه منجر "المنفعة الحدية" و هي التي تحدد القيمة.
و بالتالي فإن منجر يرفض أطروحة ريكاردو و ماركس في أن الأجر يتحدد بتكلفة إنتاج العمل , و إنما بإنتاجية آخر وحدة عمل و كذلك الامر بالنسبة للريع .
تجدر الإشارة إلى أن كل سلعة يمكن أن تلبي عدة حاجات .
2 )) بالنسبة للقيمة التبادلية : يعتقد أن القيمة الاستعمالية و القيمة التبادلية من طبيعة واحدة و لأن القيمة الاستعمالية ليست سوى نوع من التبادل الداخلي أي خيار المستهلكين بين عدة أنواع من الإشباع التبادل الخارجي التبادل الحقيقي بمعنى آخر فهو وجود عدد من المستهلكين في خيار أمام عدد من السلع .
انتهت المحاضرة الثالثة عشر

0 التعليقات: